Al-Baḥr al-Muḥīṭ fī al-tafsīr
البحر المحيط في التفسير
Editor
صدقي محمد جميل
Publisher
دار الفكر
Edition Number
١٤٢٠ هـ
Publisher Location
بيروت
أَوْ تَلَأْلُؤُ الْمَاءِ، حَكَاهُ ابْنُ فَارِسٍ، أَوْ نَارٌ تَنْقَدِحُ مِنِ اصْطِكَاكِ أَجْرَامِ السَّحَابِ، قَالَهُ بَعْضُهُمْ.
وَالَّذِي يُفْهَمُ مِنَ اللُّغَةِ: أَنَّ الرَّعْدَ عِبَارَةٌ عَنْ هَذَا الصَّوْتِ الْمُزْعِجِ الْمَسْمُوعِ مِنْ جِهَةِ السَّمَاءِ، وَأَنَّ الْبَرْقَ هُوَ الْجِرْمُ اللَّطِيفُ النُّورَانِيُّ الَّذِي يُشَاهَدُ وَلَا يَثْبُتُ.
يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ جَعَلَ: يَكُونُ بِمَعْنَى خَلَقَ أَوْ بِمَعْنَى أَلْقَى فَيَتَعَدَّى لِوَاحِدٍ، وَبِمَعْنَى صَيَّرَ أَوْ سَمَّى فَيَتَعَدَّى لِاثْنَيْنِ، وَلِلشُّرُوعِ فِي الْفِعْلِ فَتَكُونُ مِنْ أَفْعَالِ الْمُقَارَبَةِ، تَدْخُلُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِهَا. الْأُصْبُعُ: مَدْلُولُهَا مَفْهُومٌ، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ، وَذَكَرُوا فِيهَا تِسْعَ لُغَاتٍ وَهِيَ:
الْفَتْحُ لِلْهَمْزَةِ، وَضَمُّهَا، وَكَسْرُهَا مَعَ كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ لِلْبَاءِ. وَحَكَوْا عَاشِرَةً وَهِيَ: أُصْبُوعٌ، بِضَمِّهَا، وَبَعْدَ الْبَاءِ وَاوٌ. وَجَمِيعُ أَسْمَاءِ الْأَصَابِعِ مُؤَنَّثَةٌ إِلَّا الْإِبْهَامَ، فَإِنَّ بَعْضَ بَنِي أَسَدٍ يَقُولُونَ: هَذَا إِبْهَامٌ، وَالتَّأْنِيثُ أَجْوَدُ، وَعَلَيْهِ الْعَرَبُ غَيْرَ مَنْ ذُكِرَ. الْأُذُنُ: مَدْلُولُهَا مَفْهُومٌ، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ، كَذَلِكَ تَلْحَقُهَا التَّاءُ فِي التَّصْغِيرِ قَالُوا: أُذَيْنَةٌ، وَلَا تَلْحَقُ فِي الْعَدَدِ، قَالُوا: ثَلَاثُ آذَانٍ، قَالَ أَبُو ثَرْوَانَ فِي أُحْجِيَّةٍ لَهُ:
مَا ذُو ثَلَاثِ آذَانٍ ... يَسْبِقُ الْخَيْلَ بِالرَّدَيَانِ
يريد السهم وآذانه وقدده. الصَّاعِقَةُ: الْوَقْعَةُ الشَّدِيدَةُ مِنْ صَوْتِ الرَّعْدِ مَعَهَا قِطْعَةٌ مِنْ نَارٍ تَسْقُطُ مَعَ صَوْتِ الرَّعْدِ، قَالُوا: تَنْقَدِحُ مِنَ السَّحَابِ إِذَا اصْطَكَّتْ أَجْرَامُهُ، وَهِيَ نَارٌ لَطِيفَةٌ حَدِيدَةٌ لَا تَمُرُّ بِشَيْءٍ إِلَّا أَتَتْ عَلَيْهِ، وَهِيَ مَعَ حِدَّتِهَا سَرِيعَةُ الْخُمُودِ، وَيُهْلِكُ اللَّهُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ. قَالَ لَبِيدٌ يَرْثِي أَخَاهُ أَرْبَدَ، وَكَانَ مِمَّنْ أَحْرَقَتْهُ الصَّاعِقَةُ:
فَجَعَنِي الْبَرْقُ والصواعق بالفارس يَوْمَ الْكَرِيهَةِ النَّجِدِ وَيُشَبِّهُ بِالْمَقْتُولِ بِهَا مَنْ مَاتَ سَرِيعًا، قَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدَةَ:
كَأَنَّهُمْ صَابَتْ عَلَيْهِمْ سَحَابَةٌ ... صَوَاعِقُهَا لِطَيْرِهِنَّ دَبِيبُ
وَرَوَى الْخَلِيلُ عَنْ قَوْمٍ مِنَ الْعَرَبِ: السَّاعِقَةُ بِالسِّينِ، وَقَالَ النَّقَّاشُ: صَاعِقَةٌ وَصَعْقَةٌ وَصَاقِعَةٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. قَالَ أَبُو عَمْرٍو: الصَّاقِعَةُ لُغَةُ بَنِي تَمِيمٍ، قَالَ الشَّاعِرُ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْمُجْرِمِينَ أَصَابَهُمْ ... صَوَاقِعَ لَا بَلْ هُنَّ فَوْقَ الصَّوَاقِعِ
وَقَالَ أَبُو النَّجْمِ:
يُحِلُّونَ بِالْمَقْصُورَةِ الْقَوَاطِعَ ... تَشَقُّقُ الْبُرُوقِ بِالصَّوَاقِعِ
1 / 137