[المائدة: 64].
اللطيفة الثانية: قال أبو حيان: كما كانت الآيات السابقة فيها ما يتضمن الوعيد في قوله تعالى:
فإن الله عدو للكافرين
[البقرة: 98] وقوله:
وما يكفر بهآ إلا الفاسقون
[البقرة: 99] وذكر نبذ العهود من اليهود، ونبذ كتاب الله، واتباع الشياطين، وتعلم ما يضر ولا ينفع، أتبع ذلك بآية تتضمن الوعد الجميل لمن آمن واتقى. فجمعت هذه الآيات بين الوعيد والوعد، والترغيب والترهيب، والإنذار والتبشير، وصار فيها استطراد من شيء إلى شيء، وإخبار بمغيب يعد مغيب، متناسقة تناسق اللآلئ في عقودها، متضمنة اتضاح الدراري في مطالع سعودها، معلمة صدق من أتى بها، وهو ما قرأ الكتب ولا دارس، ولا رحل، ولا عاشر الأحبار ولا مارس
وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى
[النجم: 3-4] صلى الله وسلم عليه، وأوصل أزكى تحية إليه.
اللطيفة الثالثة: قوله تعالى : { نبذ فريق من الذين أوتوا الكتب كتب الله ورآء ظهورهم } التعبير بالنبذ وراء الظهور، فيه زيادة تشنيع وتقبيح على اليهود، حيث تركوا العمل بكتاب الله، وأعرضوا عنه بالكلية، شأن المستخف بالشيء، المستهزئ به، وتمسكوا بأساطير من فنون السحر والشعوذة.
يقول سيد قطب رحمه الله: " والذين أوتوا الكتاب هم الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، والمقصود طبعا أنهم جحدوه وتركوا العمل به، ولكن التعبير المصور ينقل المعنى من دائرة الذهن، إلى دائرة الحسن، ويمثل عملهم بحركة مادية متخيلة، تصور هذا التصرف تصويرا بشعا زريا، ينضح بالكنود والجحود، ويتسم بالغلظة والحماقة، ويفيض بسوء الأدب والقحة، ويدع الخيال يتملى هذه الحركة العنيفة، حركة الأيدي تنبذ كتاب الله وراء الظهور ".
Unknown page