325

Al-Tafsīr waʾl-mufassirūn

التفسير والمفسرون

Publisher

مكتبة وهبة

Publisher Location

القاهرة

Genres

التوبة: ﴿وَمَا كَانَ المؤمنون لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدين وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رجعوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ .. قال أحمد: ولا أجد فى تأخرى عن حضور الغزاة عذرًا إلا صرف الهمة لتحرير هذا المُصنَّف، فإنى تفقهَّتُ فى أصل الدين وقواعد العقائد مؤيدًا بآيات الكتاب العزيز، مع ما اشتمل عليه من صيانة حوزتها من مكايد أهل البدع والأهواء، وأنا مع ذلك أرجو من الله حُسْن التوجه. بلَّغنا الله الخير، ووفَّقنا لما يرضيه، وجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم".
وابن المنير - مع شدة خصومته للزمخشرى - لا ينسى ما له من أثر طيب فى التفسير - فكثيرًا ما يُبدى إعجابه به، لتنويهه بأساليب القرآن العجيبة التى تنادى بأنه ليس من كلام البَشر.. وكثيرًا ما يعترف - بتقدير كبير وفى عدالة واعتدال - بتحليلاته اللُّغوية، ونكاته البلاغية.
فمثلًا عندما تعقَّب تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٩١] من سورة الأنعام: ﴿وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ الله على بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الكتاب الذي جَآءَ بِهِ موسى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تعلموا أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ الله ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾ .. نجده يقول: "وهذا أيضًا من دقة نظره فى الكتاب العزيز والعمق فى آثار معانده، وإبراز محاسنه".
وفى سورة يونس عند قوله تعالى فى الآية [١١]: ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ الله لِلنَّاسِ الشر استعجالهم بالخير﴾ .. الآية، نجده يثنى على تفسيره لها فيقول: "وهذا أيضًا من تنبيهات الزمخشرى الحسنة التى تقوم على دقة نظره".
وفى سورة هود عند قوله تعالى فى الآية [٩١]: ﴿قَالُواْ ياشعيب مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ﴾ .. أثنى على تفسيره لقوله: ﴿وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا﴾ .. فقال: "وهذا من محاسن نكته الدالة على أنه كان مليًا بالحذاقة فى علم البيان".
وعندما بيَّن الزمخشرى سر التعبير بقوله تعالى فى الآية [٥١] من سورة النحل: ﴿وَقَالَ الله لاَ تَتَّخِذُواْ إلاهين اثنين﴾ .. قال ابن المنير معترفًا بدقة الزمخشرى وبراعته: "وهذا الفصل من حسناته التى لا يُدافع عنها".
ومع كل هذا الاعتراف، فإن ابن المنير يلاحظ على الزمخشرى - أحيانًا - أنه سئ

1 / 331