180

Tafsir and the Exegetes

التفسير والمفسرون

Publisher

مكتبة وهبة

Publisher Location

القاهرة

Genres

حاتم: ليس بالقوى، وكذا قال البخارى والنسائى، وضعَّفه ابن معين، وقال فيه الإمام أحمد: روى أحاديث منكرة، والترمذى نفسه يقول بعد روايته لهذا الحديث: "وقد تكلَّم بعض أهل الحديث فى سُهيل بن أبى حزم". رابعًا - ما ورد عن السَلَف من الصحابة والتابعين، من الآثار التى تدل على أنهم كانوا يُعَظِّمون تفسير القرآن ويتحرَّجون من القول فيه بآرائهم. فمن ذلك: ما جاء عن أبى مُليكة أنه قال: سُئل أبو بكر الصِدِّيق رضى الله عنه فى تفسير حرف من القرآن فقال: "أىُّ سماء تظلنى، وأىُّ أرض تقلنى، وأين أذهب، وكيف أصنع إذا قلتُ فى حرف من كتاب الله بغير ما أراد ﵎"؟ وما ورد عن سعيد بن المسيب: أنه كان إذا سُئل عن الحلال والحرام تكلَّم، وإذا سُئل عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع شيئًا. وما روى عن الشعبى أنه قال: "ثلاث لا أقول فيهن حتى أموت: القرآن، والروح، والرأى". وهذا ابن مجاهد يقول: "قال رجل لأُبَىِّ: أنت الذى تُفسِّر القرآن برأيك؟ فبكى أُبَىّ، ثم قال: إنى إذن لجرئ، لقد حملتُ التفسير عن بضعة عشر رجلًا من أصحاب النبى ﷺ ورضى عنهم". وهذا هو الأصمعى إمام اللغة، كان مع علمه الواسع شديد الاحتراز فى تفسير الكتاب، بل والسُّنَّة، فإذا سُئل عن معنى شئ من ذلك يقول: "العرب تقول: معنى هذا كذا، ولا أعلم المراد منه فى الكتاب والسُّنَّة أى شئ هو". .. وغير هذا كثير من الآثار الدالة على المنع من القول فى التفسير بالرأى. وقد أجاب المجيزون عن هذه الآثار: بأن إحجام مَن أحجم من السَلَف عن التفسير بالرأى، إنما كان منهم ورعًا واحتياطًا لأنفسهم، مخافة ألا يبلغوا ما كُلِّفوا به من إصابة الحق فى القول، وكانوا يرون أن التفسير شهادة على الله بأنه عَنِى باللفظ كذا وكذا، فأمسكوا عنه خشية أن لا يوافقوا مراد الله ﷿، وكان منهم مَن يخشى أن يُفسِّر القرآن برأيه فيُجعل فى التفسير إمامًا يُبنَى على مذهبه ويُقتفَى طريقه، فربما جاء أحد المتأخرين وفسَّر القرآن برأيه فوقع فى الخطأ، ويقول: إمامى فى التفسير بالرأى فلان من السَلَف. ويمكن أن يُقال أيضًا: إن إحجامهم كان مُقيَّدًا بما لم يعرفوا وجه الصواب فيه، أما إذا عرفوا وجه الصواب فكانوا لا يتحرَّجون من إبداء ما يظهر لهم ولو بطريق الظن. فهذا

1 / 186