158

Tafsir al-Uthaymin: Ghafir

تفسير العثيمين: غافر

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٧ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

وأن يَعود إلى الرسول، فإن عاد إلى الله فِلأنَّه الأصل، وإن عاد إلى الرسول فِلأَنه المُبلِّغ المُباشِر للإنذار. وقوله ﵀: [الناس] هذا تَقدير للمَفعول الأوَّل الذي هو مَفعول (يُنذِر)؛ لأنَّ (يُنذِر) تَنصِب مَفعولين ليس أَصلُهما المُبتدَأَ والخبَرَ، المَفعول الأَوَّل يَكون مَحذوفًا، أو المَفعول الثاني يَكون مَحذوفًا، قال الله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ﴾ [غافر: ١٨] هذا مَوْجود فيه المَفعولان جميعًا، ﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ﴾ [إبراهيم: ٤٤] كذلك المَفعولان جميعًا، وقد يُحذَف أحدُهما إمَّا الأَوَّل وإمَّا الثاني؛ لدَلالة السِّياق عليه. قال المفَسِّر ﵀: [﴿لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ﴾ بحَذْف الياء وإثباتها] أي: أنَّ فيها قِراءَتَيْن "التَّلاقِى" بالياء، و﴿التَّلَاقِ﴾ بحَذْف الياء، أمَّا إثبات الياء فِلأنَّه الأصل، وأمَّا حَذْف الياء فلِلتَّخفيف، مثل قوله تعالى: ﴿الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ﴾ [الرعد: ٩] أصلُها المُتَعالِي، لكن حُذِفت الياء للتَّخفيف، فهنا التَّلاقِ أَصلُها التَّلاقِي وحُذِفت الياء للتَّخفيف، ويوم التَّلاقِ هو يوم القِيامة، وعَلَّل المفَسِّر ذلك بقوله: [لتَلاقِي أهل السماء والأرض، والعابِد والمَعبود، والظالِم والمَظلوم فيه] أي: في ذلك اليومِ، ولو قلنا بمَعنى أعَمَّ: لتَلاقِي الخَلائِق في ذلك اليومِ؛ لأنَّ كل شيء يُلاقيه الآخر حتى الوحوش ﴿وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (٥)﴾ [التكوير: ٥] فسُمِّي يوم التَّلاقِي؛ لتَلاقِي الخَلْق فيه، يَحشُر الله ﷿ الخلائِق كلَّها في ذلك اليومِ فيَتَلاقَوْن. من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ: الْفَائِدَةُ الأُولَى: إثبات عُلوِّ الله ﷿ خِلافًا للمُفسِّر؛ لقوله: ﴿رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ﴾ ونَقصِد بالعُلوِّ عُلوَّ الذات، أمَّا عُلوُّ الصِّفة فقَدْ أَقرَّ به المفَسِّر بقوله: [أي: عظيم الصِّفات] ففي هذه الآيةِ إثباتُ عُلوِّ الذات ذاتِ الله ﷿؛ لقوله: ﴿رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ﴾.

1 / 162