الآية (١٤)
* * *
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (١٤)﴾ [غافر: ١٤].
* * *
لمَّا بيَّن الله ﷾ أنه أَرانا آياتِه الكونيةَ والشَّرْعية، أمَرَنا أن نَدعوَه وحدَه مخُلِصين له الدِّين.
فقوله: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ﴾ هو قال المفَسِّر ﵀: [فاعبُدوه] وهذا أحَدُ مَعنيَيْن: الدعاء، والمعنى الثاني: دُعاء المَسأَلة، يَعنِي: اسأَلوه. والصوابُ: أنه شامِل للأَمْرين؛ أي: دُعاء المَسأَلة، ودعاء العِبادة، فالعِبادة تُسمَّى دُعاء كما في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (٦٠)﴾ [غافر: ٦٠]، قال: ﴿ادْعُونِي﴾ ثُمَّ قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي﴾.
وأمَّا دُعاء العِبادة: فإن كل إنسان يَدعو الله ﷾، فإنه لا يَدْعوه إلَّا وهو يُؤمِن أنه بكل شيءٍ عَليم، وأنه على كل شيء قَدير؛ فلهذا دَعاه، فصار بذَلِك عابِدًا له.
وقوله: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ ﴿مُخْلِصِينَ﴾ حال من الواو في قوله: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ﴾، والإخلاص: التَّنْقية، فتَنْقية الشيء تُسمَّى إخلاصًا، والمَعنَى: نَقُّوا دِينكم من الشِّرْك.