125

Tafsir al-Uthaymin: Ghafir

تفسير العثيمين: غافر

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٧ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

يَعبُدونهم عِبادة التَّقرُّب، لكن الرسول ﵊ قال لعَديِّ بنِ حاتِم: "أَلَيْسُوا يُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ الله، فَتُحِلُّونَهُ، وَيُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ الله فَتُحَرِّمُونَهُ؟ " قال: نعَمْ. قال: "فَتِلْكَ عِبَادَتهمْ" (^١) فهذه عِبادة اتِّباع، وغالِب عِبادة المُشرِكين تَقرُّب وتَعظيم. فإن قال قائِل: ماذا يُقصَد بقول بعض المفَسِّرين في قوله تعالى: ﴿ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ﴾ يَقول: "فيه مَتروك استُغنِيَ عنه بدَلالة الظاهِر عليه، ومجَازُه ألَّا سبيلَ إلى ذلك"؟ فالجوابُ: هذا قَصْده لمَّا قالوا: ﴿فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ﴾ [غافر: ١١]، كأنه قال: لا سَبيلَ إلى الخُروج؛ لأنكم قدَّمتم لأنفسكم ما لا يُمكِن معه الخُروج، وهو أنه إذا دُعِيَ الله وحدَه كفَرْتم وإن يُشرَك به تُؤمِنوا. قال المفَسِّر ﵀: [﴿فَالْحُكْمُ﴾ في تَعذيبكُم ﴿لِلَّهِ الْعَلِيِّ﴾ على خَلْقه ﴿الْكَبِيرِ﴾ العَظيم]. يَعنِي: فبِناءً على أَنكم في هذه الحالِ يَكون حُكْمكُم إلى الله، فالفاء حينَئذٍ تَكون؛ إمَّا للاستِئْناف، وإمَّا للتَّفريع على ما سبَق. يَعنِي: فبِناءً على ذلك يَكون الحُكْم في أَمرِكم إلى الله، الحُكْم في تَعذيبكم لله وحدَه، واللَّام تَكون بمَعنَى الغاية أحيانًا، كما تَقول: ولله تُرجَع الأمور. بمَعنى: إلى الله، وهنا الحُكْم لله. أي: إلى الله. أي: أن حُكْمكم يَنتَهي إلى الله، ويُحتَمَل أن يَكون المَعنى: الحُكْم لله. أي: مُستَحِقٌّ له لا يُشارِكه فيه أحَدٌ. وقول المفَسِّر ﵀: [﴿الْعَلِيِّ﴾ على خَلْقه] عُلوَّ ذات، وعُلوَّ صِفة، فالله ﷾ عالٍ على خَلْقه في ذاته فوقَ كل شيء، وعالٍ على خَلْقه في صِفاته، قال

(^١) أخرجه الترمذي: كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة التوبة، رقم (٣٠٩٥).

1 / 129