173

Tafsir al-Uthaymeen: Surah

تفسير العثيمين: ص

Publisher

دار الثريا للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

Publisher Location

الرياض - المملكة العربية السعودية

Genres

٤ - ومن فوائد هذه الآية: أن الرياح لها شعور واختيار، لقوله تعالى: ﴿تَجْرِي بِأَمْرِهِ﴾ لأنَّه إذا كان يأمرها وتشعر بالأمر، ثم تمتثل، فهو دليلٌ أن لها شعورًا ولها إرادة.
وهكذا كل شيء في الكون له شعور، وله إرادة، بحسب ما يليق به؛ لقول الله تعالى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾ [الإسراء: ٤٤] ولا تسبيح إلَّا بإرادة، ولا تسبيح إلَّا بشعور بعظمة المسبَّح. ومن هنا نردُّ على مَن قالوا: إنّ المراد بقوله تعالى: ﴿جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ [الكهف: ٧٧] أَنَّه مجاز، لأنّنا نقول لهم: ما الذي يمنع من إرادة الجدار؟ هو له إرادة، ولكن ليست كإرادة البشر، أو إرادة الحيوان المتحرك الذي يتحرك بإرادة، لكن الجدار له إرادة وهو ساكن لا يتحرك.
٥ - ومن فوائدها: أنّ هذه الرِّيح المسخَّرة تجري بسهولة ولين، وليس بعصفٍ مقلق، كما هي عادة الرياح، إنَّما هي رُخاء ولينة سهلة، كأنهّم على سطح.
٦ - ومن فوائدها: أن مَن ترك شيئًا لله، عوَّضه الله شيئًا خيرًا منه؛ لأن كثيرًا من المفسرين جعلوا تسخير الرِّيح لسليمان ﵊، تنقله حيث يشاء، عوضًا عن الخيل التي أتلفها غضبًا لله ﷿، حينما ألهته عن ذكر الله.
وهذا قد يكون حقيقة، أنّ هذا الذي أعطاه الله تعالى من تسخير الرِّيح، كان جزاء له على فعله بالخيل. ولا شكّ أن مَن ترك شيئًا

1 / 178