Tafsīr al-ʿUthaymīn: Fuṣṣilat
تفسير العثيمين: فصلت
Publisher
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٣٧ هـ
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
والثَّاني: النَّقصُ في كَمالِه، فكَمالاتُه من عِلمٍ وقُدرةٍ وحَياةٍ وسَمْعٍ وبَصرٍ ورحمَةٍ وغيرِ ذلك لا يُمكنُ أن يَعترِيَها نقصٌ بأيِّ حالٍ مِنَ الأحوالِ.
والثَّالثُ: مُماثلَةُ المَخلوقينَ.
ولاحِظوا هذه المَسألَةَ فأكثَرُ الَّذين يُعبِّر ون بمِثلِ هذا يُعبِّرون بمُشابهَةٍ، وهذا ليس بصَوابٍ، الصَّوابُ أن يُعبِّرَ بما عَبَّر اللهُ به عن نَفسِه فقال: ﴿كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١] وقال: ﴿فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ﴾ [النحل: ٧٤]، ولم يَذكُرِ التَّشبيهَ بأيِّ حالٍ منَ الأحوالِ، ولهذا كان التَّعبيرُ بنَفيِ التَّمثيلِ هو الصَّوابُ دونَ التَّشبيهِ. دَليلُ هذا أنَّ اللهَ مُنزَّهٌ عن كُلِّ نَقصٍ وعَيبٍ قَولُه: ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾ [النحل: ٦٠]
المَثَلُ يعني: الوَصفَ؛ لأنَّ المَثَلَ يُطلَقُ على ذلك كما في قَولِه تَعالى: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾ [محمد: ١٥] مَثَلُ بمعنى: وَصفُها صِفتُها، ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ﴾ فإذا كان اللهُ له المَثَلُ الأعلى؛ أي: الأَكمَلُ لَزِمَ أن يَكونَ مُنزَّهًا عن كُلِّ نقصٍ.
أمَّا النَّقصُ في كَمالِه فيَدُلُّ له قَولُه ﵎: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨)﴾ [ق: ٣٨] أي: مِن نَقصٍ على أنَّ هذه المَخلوقاتِ عَظيمَةٌ جدًّا، ومع ذلك ما لَحِقَ اللهُ تَعالى فيها نَقصٌ. ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٣)﴾ [الأحقاف: ٣٣].
الثَّالثُ: عدمُ مُماثلَةِ المَخلوقينَ، يَقولُ اللهُ ﷿: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، ﴿فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٧٤]، ويَقولُ تَعالى: ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٢].
إذن؛ التَّسبيحُ بمعنى: التَّنزيهِ، والَّذي يُنزَّهُ اللهُ عنه ثَلاثَةُ أشياءَ.
1 / 203