333

Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-Qaṣaṣ

تفسير العثيمين: القصص

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

الباءُ للسببية.
وقَوْلُه تعالى: ﴿فَبَغَى عَلَيْهِمْ﴾ أي: اعتدى واستطال عليهم، على قَوْمِ مُوسَى، وَذَلِكَ بِمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ تعالى مِنَ المَالِ، فصار طاغيًا، وَهَذَا هُوَ شأن الْإِنْسَانِ مِنْ حَيْثُ هُوَ إنسانٌ، قَالَ اللَّهُ تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾ [العلق: ٦ - ٧]، فهذا الْإِنْسَانُ إِذَا كَثُرَ مَالُهُ، وَرَأَى أَنَّهُ فِي غِنًى عَنْ غَيْرِهِ؛ يطغى.
قَوْلُه تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ﴾ أي: أعطيناه مِن كُنوز المال، وهو جَمْع كَنْز، والكَنْزُ هو ما يُحتفظ به، ويُغْلَقُ عليه، ويَشْمَلُ جَمِيعَ أَنْوَاعِ المَالِ مِن ذَهَبٍ، وفِضَّةٍ، وزُمُرُّد، وجَواهِر، ونُقود، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
قَوْلُه تعالى: ﴿مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ﴾: ﴿مَا﴾ اسمٌ موصول بِمَعْنَى الَّذِي، وهي المفعول الثاني لـ (آتيناه)، ومفعولها الأول الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَآتَيْنَاهُ﴾، و(إِنَّ) حرفُ توكيدٍ ونَصْبٍ، ومَفَاتِح اسمُها، وجُملة ﴿لَتَنُوءُ﴾ خَبَرُهَا، والجملة الاسمية صِلَةُ الموصول، يعني: الذي إِنَّ مَفَاتِحَهُ.
قَوْلُه تعالى: ﴿مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ﴾ أي: تَثْقُل بهم، ومَفَاتِح جَمْعُ مَفْتَح، وَهُوَ اسْمٌ للمِفتاح.
قَوْلُه تعالى: ﴿بِالْعُصْبَةِ﴾ الباء هنا لِتَعْدِيَة الْفِعْلِ إِلَى مفعوله بِحَرْفِ الجْرِّ، وَإِنَّمَا احْتَاجَ المُفَسِّر ﵀ إِلَى هَذَا؛ لأن (ناءَ يَنُوءُ) يَتَعَدَّى بنفسه، أو بِحَرْفِ الْجَرِّ، وهنا تعدى بِحَرْفِ الْجَرِّ، أي: تُثْقِلُهم، فالباء للتعدية.
وَقِيلَ فِي عِدَّةِ العُصبة: سبعون، وقيل: أربعون، وقيل: عَشَرة، وقيل غَيْرُ ذَلِكَ، ولا ريبَ أَنَّ العُصبة هِيَ الْجَمَاعَةُ الَّتِي يَعْصِبُ بَعْضُهَا بَعْضًا، والعَصْب فِي اللُّغَةِ: الشَّدُّ،

1 / 337