330

Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-Qaṣaṣ

تفسير العثيمين: القصص

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

ولكن فِيهِ فَائِدَةٌ عظيمة، وهي إِقَامَةُ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، قَالَ تعالى: ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (٩) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [الملك: ٨ - ١٠].
فَالْفَائِدَةُ مِنْ ذَلِكَ كونُهم يَتَحَدَّوْنَ حَتَّى يَتبَيَّنَ لهمْ أَنَّ الْحَقَّ للَّه، وأنهم يعرفون أَنَّهُمْ لَمْ يُظْلَمُوا شيئًا.
قَوْلُه تعالى: ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا﴾ فِي الأُلُوهِيَّة للَّهِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ أَحَدٌ.
قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: [﴿وَضَلَّ﴾ غَابَ ﴿عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَنَّ مَعَهُ شَرِيكًا، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ].
يقول المُفَسِّرُ ﵀: إِنَّ (ضَلَّ) بمعنى (غَابَ)، ولكن ضَلَّ أَبْلَغُ مِنْ (غَابَ)؛ لأن (ضَلَّ) يقتضي كأنه أمرٌ مطلوب، ولكنهم عَجَزُوا عنه كالضَّالَّة، فالإنسان إذا ضَلَّ بَعِيرُه -مَثَلًا- أَوْ شاتُه يتطلبها فلا يجدها، وَيَكُونُ ذَلِكَ أَشَدَّ عليه حَسْرَةً، فهُنا قوله: ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ﴾ كأنما هُوَ شَيْءٌ مفقودٌ عزيز عليهم، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَتَمَكَّنُوا منه.
وَقَوْلُهُ: ﴿مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾: ﴿مَا﴾ اسمٌ مَوْصُولٌ فاعِلٌ ﴿وَضَلَّ﴾، والعائِدُ الضَّمير المحذوف فِي قَوْلِهِ: ﴿يَفْتَرُونَ﴾، أي: مَا كَانُوا يَفْتَرُونَه، وقولُ المُفَسِّر ﵀: [فِي الدُّنْيَا]؛ لأن ﴿كَانُوا﴾ فِعْلٌ مَاضٍ، فما كانوا يفترونه فِي الدُّنْيَا مِن أَنَّ مَعَ اللَّهِ شريكًا يَضِلُّ عَنْهُمْ هَذَا الشريكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَقُومُوا ببرهانٍ عليه.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: فِيهَا إِثْبَاتُ البَعْث والحِساب؛ لقوله تعالى: ﴿وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا﴾.

1 / 334