205

Tafsir Al-Uthaymeen: Stories

تفسير العثيمين: القصص

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

وهكذا جميع الكُتب التي يُنزلها اللَّهُ ﷿ تكون أنوارًا للقلوب، ويكون بها الاهتداء، وَلهَذَا قَالَ: [﴿وَهُدًى﴾ مِنَ الضَّلَالَةِ لمِنْ عَمِلَ بِهِ].
قولُ المُفَسِّر ﵀: [لمِنْ عَمِلَ بِهِ] تفسِيرٌ غير وَفِيٍّ، والأَولَى إبقاء الآية على ظاهرها، وهو أنَّ التَّوراة هُدًى، لَكن هَذَا الهدى لا يَنتفع به إلَّا مَن وُفِّق، فهي هدى من الضلالة بلا شك، وَلَكن لَا ينتفع بها، ويهتدي بها كلّ أحد، كَمَا قَالَ اللَّهُ تعالى في القُرْآن: ﴿هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة: ١٨٥]، وَقَالَ تعالى: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢]، ففي الأول هُدَى دَلَالَة، وفي الثَّاني هدى تَوْفِيق التَّوراة، إذَا قلنَا: هدى، لمن عَمِلَ بهَا، قيَّدنا الآية بهُدَى التوفيق، مع أنَّها مُطْلَقَة، ولهذا فالأَوْلَى أَن نَقولَ: هدى مِن الضلالة في كلّ أمر كما قال: ﴿بَصَائِرُ لِلنَّاسِ﴾، نقول: وهُدًى أَيْضًا للنَّاسِ، ولكن الهدى الذي بمعنى الدلالة عامٌّ، والهدى الذي بمعنى الاهتداء، يعني: يهتدي بها الإِنْسَان، هذا لمن وُفِّق لَهُ.
قوله تعالى: ﴿وَهُدًى وَرَحْمَةٌ﴾ قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: [لمَنْ آمَنَ بِهِ]، فالمقام يقتضي التصديقَ أنه رحمة، لَكن لَا لكلّ أَحَد، إلا أن يُقال: رحمة، أي: وسيلة للرحمة، فإذا قلنا: إنَّ قوله: ﴿وَرَحْمَةٌ﴾ أي: وسيلة صار عامًّا، نقول: هُدًى باعتبار العِلم، ورحمة باعتبار العَمَل؛ لأَنَّ مَن عمل به فهو مرحوم، وأما هُدًى، فهو باعتبار العِلم، كَمَا قَالَ اللَّهُ تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ﴾ [التوبة: ٣٣]، الهدى هو العِلم النافِعُ، ودِينُ الحقِّ هو العَمَل الصَّالِح.
قوله تعالى: ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾: (لعل) هنا معناها: التَّعلِيل، أمَّا عَمَلُها فهي تَنْصِبُ المبتدأ، وترفع الخبر، وخبرُها جملة ﴿يَتَذَكَّرُونَ﴾.

1 / 209