177

Tafsir Al-Uthaymeen: Stories

تفسير العثيمين: القصص

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

في سُورَة البَقَرَة ﴿وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٤٧]، وقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ﴾ [البقرة: ١١٦]، ففيها قراءتان: بإثبات الواو وبحذفها، وهناك شواهدُ أُخرَى في القُرْآن، لَكن هَذَا يعتبر منَ الأَشيَاء النادرة.
قوله تعالى: ﴿رَبِّي أَعْلَمُ﴾: ﴿أَعْلَمُ﴾ هَذَا اسمُ تفضيلٍ، واسمُ التفضيل يَدُلُّ عَلَى اتِّفَاق شخصين اشتَرَكَا في صِفَةٍ واحدة.
فَإذَا قيلَ: فلانٌ أَفضَلُ مِن فُلَان. فقد اشترك الرَّجُلان في الفَضل، وزاد المفَضَّل على المفَضَّل عليه. هنا يقول: ﴿رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ﴾.
قَالَ المفَسِّرُ ﵀: [أَيْ: عَالِمٌ]، فَحَوَّل اسمَ التفضيل إلَى اسمِ فاعِل، وهذه جناية عظيمة؛ لأن (عَالِم) أدنى بكَثير مِن ﴿أَعْلَمُ﴾، فَإذَا قلنَا: ﴿رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ﴾ و(وربي عالِمٌ بمَن جاء)، فالأول أَبْيَنُ، ولذلك يُعتبر نقصًا مِنَ المُفَسِّر ﵀.
والصَّواب أنَّ ﴿أَعْلَمُ﴾ أي: مَن عَلِمَ بالهدى مِن عند اللَّه، فَاللَّهُ أَعلَم منه.
والمُفَسِّرُ ﵀ ومَن حَذَا حَذوَه، أَو سَبقه إلَى ذَلكَ إنَّمَا فَرُّوا مِن أَنْ يَكونَ الإنسَان مشتركًا مَعَ اللَّه في العِلم، لكن اسم التفضيل لَيسَ فيه دَليل عَلَى المُشارَكَة، فقولنا: أَعْلَم. ينفي المُشارَكَة؛ لأن الأعلم في دَرَجَةٍ لَا يَصل إلَيهَا المفضَّل عليه، لَكن إذَا قلتم (عالم) فهذا فيه المُشارَكَة، لأَنَّ اللَّهَ عالِمٌ، والإِنْسَان عالِمٌ، قَالَ ﵎: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النحل: ٧٨]، أي: فعَلِمُوا، وَكَذَلكَ قَوله تعالى: ﴿تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ﴾ [المائدة: ٤].
فالشاهد أَنَّ كَلمَةَ ﴿أَعْلَمُ﴾ هيَ الَّتي تَقتَضي التفريق، بخلاف عالِم، ثُمَّ إنَّ فيهَا

1 / 181