162

Tafsir Al-Uthaymeen: Stories

تفسير العثيمين: القصص

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

أَنَّهُ يُحاوِل أَنْ يُبَيِّنَ لِلنَّاسِ أَنَّهُ صَادِقٌ، فتكون قِرَاءَةُ الرَّفْعِ عَلَى سَبِيلِ السبب، وقراءة الجَزْم عَلَى سَبِيلِ النتيجة، فيكون هارون فاعلًا مُؤَثِّرًا.
قوله تعالى: ﴿إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾، الضَّمِيرُ فِي ﴿يُكَذِّبُونِ﴾، وهو الواو، يَعُودُ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ﴾، وقوله: ﴿أَخَافُ﴾ أي: أتوقَّع وأخشى، وليس خوفَ الرُّعب، ولكنَّه يتوقع ذلك ويخشاه، وقوله: ﴿أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾ هَذِهِ النُّون الموجودة ليست نُون الأفعال الخمسة، وإلا لَحُذِفَت بَعْدَ (أَنْ)، ولكنها نونُ الوِقاية، فأصل الفعل: يكذبونني. فحُذفت النون الأُولى للنصب، وبقيت النون الثَّانية المكسورة، وهي نون الوقاية، وحُذِفَت الياء تخفيفًا، ونظيره ذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى فِي سُورَةِ الذَّارَياتِ: ﴿فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ﴾ [الذاريات: ٥٩]، فإذا وقفتَ عليها سكَّنْتَ.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: بيان المِنَّة الكبرى مِنْ مُوسَى لِأَخِيهِ، حيث جعله اللَّهُ تعالى مرسلًا معه، ولهذا يقال: أعظمُ هَديةٍ أهداها خليلٌ لخليلِه هي التي كَانَتْ مِنْ مُوسَى لهارونَ؛ لِأَنَّهُ سَأَل اللَّهَ أَنْ يُرسله معه، والرِّسالَة مَقَامٌ عَظِيمٌ لَا يناله إلا الْخِيرَةُ مِنْ بَنِي آدَمَ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَسْتَعِينَ بِغَيْرِهِ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ ﷿؛ لقوله: ﴿فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: اتخاذُ الأعوانِ مِنْ أَسْبَابِ النجاة، وهذا أمرٌ مَعْلُومٌ مِنْ قديم الزَّمانِ وحديثِه، أَنَّهُ كُلَّمَا كَانَ الإِنْسَان مَعَهُ مَنْ يُعِينه ويساعِده، كَانَ ذَلِكَ أَقْرَبَ إِلَى نجاحِه مِن انفراده، والعوامُّ يقولون: (يَدٌ وَاحِدَةٌ لَا تُصَفِّق).

1 / 166