153

Tafsir Al-Uthaymeen: Stories

تفسير العثيمين: القصص

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

وَهَذَا صَحِيحٌ، وهي جناحٌ أَيْضًا، يتضح ذلك في الْإِنْسَانِ عِنْدَ السعي، وَهِيَ -لَا شَكَّ- تُزَيِّنُ الْإِنْسَانَ كَمَا أَنَّ جَناح الطائر يُزَيِّنُه.
قوله تعالى: ﴿فَذَانِكَ﴾ بالتَّشديد والتَّخفيف، أي: العَصا واليَد، وهما مؤنَّثتان، وإنما ذُكِّرَ المشارُ به إلَيْهِما المبتدأ لتذكير خَبَرِه؛ لِأَنَّ الْيَدَ الواحدة جَناح، والأُخْرَى جناح، فإذا أَدْخَلَهَا فِي جيبه انضمت إليه اليدان كما ينضم الجناحان.
وقوله: ﴿فَذَانِكَ﴾ يقول: [بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ]، بالتشديد "فَذَانِّكَ"، وبالتخفيف ﴿فَذَانِكَ﴾، والشاهد لهذين الْوَجْهَيْنِ مِنْ كَلَام ابن مالك (^١):
وَالنُّونُ مِنْ (ذَيْنِ) وَ(تَيْنِ) شُدِّدَا ... أَيْضًا وَتَعْوِيضٌ بِذَاكَ قُصِدَا
مثل النُّونِ مِنَ (اللَّذان) و(اللَّتان).
﴿فَذَانِكَ﴾ أي: العصا واليد، والعصا مؤنث، قَالَ تعالى: ﴿قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا﴾ [طه: ١٨]، وَلَمْ يَقُلْ: هو عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهِ، واليد كذلك مؤنثة، قَالَ تعالى: ﴿يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ﴾ وَلَمْ يَقُلْ: يخرج أبيض، وَقَالَ تعالى: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [المائدة: ٦٤]، وَقَالَ ﷾: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾ [المائدة: ٦٤]، فهما مؤنثتان، واسم الإشارة ﴿فَذَانِكَ﴾ مُذَكَّر، وَلَوْ كَانَ بالتأنيث لقال: فتَانِك برهانان. فلماذا جعله مُذَكَّرًا؟ يقول المُفَسِّرُ ﵀: [وَإِنَّمَا ذُكِّرَ المُشَارُ بِهِ إِلَيْهَما المُبْتَدَأُ]؛ لأن (ذَانِ) المبتدأ، والخَبر ﴿بُرْهَانَانِ﴾، وهو مُذَكَّر، فرُوعِي الخَبر هنا فذُكِّر المبتدأ.
وقوله: ﴿بُرْهَانَانِ﴾، البرهان هُوَ الدَّلِيلُ، وقول المُفَسِّر ﵀: [مُرْسَلَانِ مِنْ رَبِّكُ]، كلمة [مُرْسَلانِ] ليست تفسيرًا لـ ﴿بُرْهَانَانِ﴾، ولكنَّها بيانٌ لِمُتَعَلَّق قوله:

(^١) شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك (١/ ١٣٨).

1 / 157