Tafsir Al-Uthaymeen: Stories
تفسير العثيمين: القصص
Publisher
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٦ هـ
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
أَخْبَرَ النَّبِيُّ ﵊ أَنَّهُ "مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الغَنَمَ" (^١).
فَإِذَا كَانَ الإِنْسَان يتعود الرعاية، ومسئولية الرعية، فَإِنَّ هَذَا فِيهِ توطئة لما يُوكَل إِلَيْهِ فِيمَا بَعْدُ.
المهم: أَنَّ اللَّهَ يُقَدِّر لِلْإِنْسَانِ مِنَ الْأَسْبَابِ مَا يَصِلُ بِهِ إِلَى درجة الكمال.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ -عليهم الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- حتى قَبْل النُّبُوَّةِ هُم كغيرهم مِنَ الْبَشَرِ؛ يُحِسُّون بآلام البَرَد، وكذلك بآلام الجُوع وغيره، ويهتدون إِلَى الطَّرِيقِ، وقد يَضِلُّون عنه، وهنا فائدتان شرعيتان:
الْأُولَى: أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الغيب؛ إِذْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الغيبَ ما ضَلُّوا عَنِ الطَّرِيقِ.
الثَّانية: أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ لأنفسهم نَفْعًا، وَلَا ضَرًّا، فإذا كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ ضَرًّا لأنفسهم، فلغيرهم مِنْ بَابِ أَوْلى، وهذا مُصَرَّحٌ بِهِ فِي قَوْلِهِ تعالى: ﴿قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ﴾ [الأنعام: ٥٠]، وَقَالَ اللَّهُ تعالى لِنَبِيِّه: ﴿قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (٢١) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا﴾ [الجن: ٢١ - ٢٢].
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ اللَّهَ تعالى إِذَا أَرَادَ أمرًا هَيَّأَ أَسْبَابَهُ، وَأَنَّ اللَّهَ لمَّا أَرَادَ أَنْ يُوحِيَ إِلَى نَبِيِّهِ مُوسَى فِي ذَلِكَ المكان، هَيَّأ له أسبابًا تُوَصِّلُه إِلَى النَّارِ التي رآها وقَصَدَها.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَبْقَى فِي المَكَانِ الَّذِي فارَقَهُ فيه صاحبُه، لأن مُوسَى قَالَ لِأَهْلِهِ: ﴿امْكُثُوا﴾، حتى يَسْتَطِيعَ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِم، وَكَذَلِكَ هُمُ لا يَضِلُّون عَنِ الطَّرِيقِ، وهذه عَادَةٌ مِنَ الحزم.
(^١) أخرجه البخاري: كتاب الإجارة، باب رعي الغنم على قراريط، رقم (٢٢٦٢).
1 / 138