Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-Qaṣaṣ
تفسير العثيمين: القصص
Publisher
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٣٦ هـ
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
قضيتُ الأجَل يتم العَقد.
والمهم: أنَّ العُدوان لَا يَخْتَصُّ بطلب الزِّيادة فقط، بل بكُلِّ مَا يُتَصَوَّرُ أنه ينافي مُطْلَقَ العَقد.
يقول المُفَسِّرُ ﵀ فِي قَوْلِهِ تعالى: [﴿وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ﴾ أَنَا وَأَنْتَ، ﴿وَكِيلٌ﴾ حَفِيظٌ، أَوْ شَهِيدٌ، فَتَمَّ العَقْدُ بِذَلِكَ].
قوله: ﴿وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ﴾، لفظ الجلالَة مبتدأ، و﴿وَكِيلٌ﴾ خبره، والمراد بالوَكالة هنا الحفظ والشَّهادَة جميعًا، فقول المُفَسِّر ﵀: [أَوْ شَهِيدٌ] هَذِهِ للتنويع، وليست للشرط، ولكن الأصح أَنَّهَا عَامَّةٌ؛ لأن وَكالة اللَّهِ ﷾ عَلَى الشَّىْءِ معناه الحفظ والشَّهادَة.
وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿عَلَى مَا نَقُولُ﴾ تقدَّمت على عاملها، وهو ﴿وَكِيلٌ﴾، والتَّقديم يُفيد الحَصر، وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ ﷾ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وكيل، وَلَيْسَ عَلَى مَا نَقُولُ فقط، ولكنه حَصَر فِي هَذَا؛ لزيادة الاهتمام به، وَإِلَّا فَلَا شَكَّ أَنَّ اللَّهَ وكيلٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، ولكن كَأَنَّهُ يَقُولُ: لَوْ لَمْ يَكُنِ اللَّه شَاهِدًا عَلَى شَيْءٍ لَكان شَاهِدًا عَلَى مَا نَقُولُ مِنَ الْعَقْدِ الَّذِي جَرَى بيننا، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُوسَى ﵊ كان عَارِفًا بِاللَّهِ، وعنده الفِطرة، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ نُبِّئَ؛ لِأَنَّ قَوْلَه: ﴿وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ﴾ اعتِرَافٌ مِنْهُ بِاللَّهِ ﷾، وبما لَهُ مِنَ الصفات، لكونه ﷾ وكيلًا عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.
وظاهر الحالة أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ شهود عَلَى هَذَا الْعَقْدِ، وَلَكِنْ فِي شَرْعِنَا لَا يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنِ الشهود حين كتابة العُقود، فلا يَكْفِي أَنْ يَكْتُبَ شخص مَا فِي الْعَقْدِ: وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ، أو شهيد، نَعَمْ نَحْنُ نُقِرُّ بِأَنَّ اللَّهَ شاهدٌ ونِعْمَ الشاهدُ، لَكِنَّهُ
1 / 118