110

Tafsir Al-Uthaymeen: Stories

تفسير العثيمين: القصص

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

تحويله للمستقبل، وتحقيقه، وتقريبه. قوله تعالى: ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ مِن: وَجَدَ يَجِدُ، إِذَا أَدْرَكَ الشَّيْء، وَلَكِنَّهُ قَالَ: ﴿إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صاحب مَدْيَنَ مُؤمن؛ لأن كلامه هَذَا يَدُلُّ عَلَى إِيمَانِهِ، وَأَنَّهُ عَلَى مِلَّةٍ. وقوله: ﴿إِنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ تعليق، فَهَلْ هُوَ تَعْلِيقٌ يُرَادُ بِهِ حقيقتُه؟ يقول المُفَسِّرُ ﵀: [إِنَّهُ لِلتَّبَرُّكِ]، والذي حَمَل المُفَسِّر عَلَى ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿سَتَجِدُنِي﴾ وعدٌ منه، والوعدُ إِذَا عُلِّقَ لَمْ يَكُنْ مجزومًا به؛ وَلِهَذَا قَالَ: [﴿إِنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ لِلتَّبَرُّكِ]؛ لئلا يُنافيَ الوعدَ، وَلَكِنَّهُ فِي الحقِيقَةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْمِلَهُ على التَّبَرُّك، بل يَحْمِلُهُ عَلَى التعليق الحقيقي بالمشيئة؛ لأن عزم الْإِنْسَانِ عَلَى الشَّيْءِ مجزومٌ به، لكن تنفيذ الشَّيْءِ لَا يَسْتَطِيعُ الْإِنْسَانُ أَنْ يجزم به أبدًا مَهْمَا كَانَ الْعَمَلُ، يَقُولُ ﵎: ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [الكهف: ٢٣ - ٢٤]. ولذلك فنحن نرى أَنَّ قَوْلَهُ: [لِلتَّبَرُّكِ] غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لأن تنفيذ هذا الشَّيْء ليس بيدي صاحب مَدْيَنَ، فان الأُمُور قد تُخلَف. وقوله: ﴿مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ جملة مُعترضة بين الفِعل ومفعوله؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ ﴿سَتَجِدُنِي﴾ يَنْصِبُ مفعولين، المفعول الأول الياء، والمفعول الثَّانِي قَوْلُه: ﴿مِنَ الصَّالِحِينَ﴾. وقوله: ﴿مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ أي: الوافِين بالعَهد؛ لأن صلاح كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِه، فهنا المسألة عَقْدُ إِجَارَةٍ، والصلاح فيها يكون بالوفاء، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ بحَسَبِه، وَالصَّلَاحُ فِي الدِّينِ هُوَ الْقِيَامُ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وصلاحُ الطعام أَلَّا يَكُونَ متغيرًا برائحةٍ كريهة، أَوْ فَسَادٍ، فالصلاح فِي كُلِّ مَوْضِعٍ بحسبه.

1 / 114