الآية (٢٩)
* * *
* قالَ الله ﷿: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [سبأ: ٢٩].
* * *
قوله ﷾: ﴿وَيَقُولُونَ﴾ يَعني: المُكذّبين للرسول ﷺ الذين تَوَعَّدوا بالعذاب والنَّكال فيقولون مُتَحَدّين ومُستَبعِدين ومُنكِرين: ﴿مَتَى هَذَا الْوَعْدُ﴾: ﴿مَتَى﴾ اسمُ استِفْهام المُرادُ به الإِنْكار والتَّحدِّي.
وقوله: ﴿الْوَعْدُ﴾ أي: بالعَذاب الذي وَعَدْتمُونا به، ويُحتَمَل أن يَكون ﴿مَتَى هَذَا الْوَعْدُ﴾ بالنَّصْر لكم؛ لأنَّ المَعروفَ أنَّ الوَعْد بالخيْر وبالشَّرِّ وَعيد، ولكن قد يُقال: إن الوعيدَ لهؤلاء الكُفَّارِ هو بالنّسبة للمُؤمِنين مَعدوم ﴿مَتَى هَذَا الْوَعْدُ﴾ بالعَذاب ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ فيه، يَعنِي: إن كُنْتم صادِقين بما تَقولون من أنَّ العَذاب سيَحِلُّ بنا وسنُعاقَب، والصِّدْق: هو الإِخْبار بما يُوافِق الواقِع، والكَذِب: الإِخْبار بما يُخالِف الواقِع، فإذا قلتَ: (قدِم زَيْد البلَد) ولم يَكُن قدِمَ فهو كذِب؛ لأنَّه خِلاف للواقِع، وإذا قلتَ: (قدِمَ زيد البَلَد) وقد قدِم فهو صِدْق؛ لمُوافَقة الواقِع، فيقولون: إن كُنْتم صادِقين فمتى يَكون هذا؟
وهذا كقوله ﷾ في الساعة: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (١٧) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ﴾