18

Tafsir Al-Uthaymeen: Saba

تفسير العثيمين: سبأ

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

فعليه يَكون أعداؤُه لا رحمةَ لهم على كلام المُفَسِّر ﵀، و﴿الْغَفُور﴾ أيضًا لأَوْليائه، فأَعداؤُه لا مَغفِرةَ لهم، ولكنَّ الصحيح: العُموم، لأنَّ هذين الِاسْمَيْن مُطلَقان فيَبقَيان على إطلاقهما؛ فهو رحيم حتى بأعدائه، فالكافِر قد أَعطاه الله تعالى صِحَّة ورِزْقًا من اللِّباس والطَّعام والشَّراب والمَسكَن والزوجة والأَهْل، وكل هذا رحمةٌ، لكنها رحمةٌ عامَّةٌ، يَعنِي: أنها لا تَكون خاصَّةً كرَحْمة المُؤمِنين. والمَغفِرة أيضًا يَستَحِقُّها مَن تاب من عَداوته لله ﷿، وإذا تاب فهو وَلِيٌّ من أَوْلياء الله ﷿، ولكن قد يَكون في الإنسان عَداوة ووِلايةٌ، كما في قوله تعالى: ﴿خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا﴾ [التوبة: ١٠٢]، وهم مُستَحِقُّون لمَغفِرة الله ﷿. إِذَنْ: فكَلِمة ﴿الرَّحِيمُ﴾ عامَّةٌ، لأنَّها تَختَصُّ بالفِعْل وهو إيصال الرحمة إلى المَرحوم. من فوائد الآية الكريمة: الفائِدةُ الأُوْلَى: أن من الأساليب البلاغية: الإجمالَ ثُمَّ التَّفصيلَ؛ لقوله تعالى: ﴿الْخَبِيرُ (١) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ﴾ إلى آخِره، وفائِدة هذه الطريقةِ البَلاغية هي: أن الشيءَ إذا جاء مجُمَلًا تَشوَّفَتِ النُّفوس إلى تَفصيله، فجاء التَّفصيلُ وارِدًا على نُفوسٍ تَتطَلَّع إليه، فإذا ورَد التَّفصيلُ إلى نُفوس تَتطَلَّع إليه كان أَوْقعَ في النَفْس وأَرسَخَ في القَلْب. فلو قُلْتُ لكَ: حدَث البارِحةَ شيءٌ عَظيم ما دَريتَ؟ البارِحة الساعة الواحِدة من الليل حدَث أمر عظيم؛ ما عَلِمْت؟ ! فتَتَشَوَّف إلى هذا وتَتَطَلَّع إلى هذا الشيءِ العَظيم. لكن لو قُلْتُ لكَ: حدَث البارِحة مثلًا أن رُميَ بنَجْم فاستَنار نورًا عظيمًا، على

1 / 24