Tafsir Al-Uthaymeen: Luqman
تفسير العثيمين: لقمان
Publisher
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٦ هـ
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
ثُم يُغْفَر له، فذَكَرَ اللَّه تعالى الإِنباء؛ لأنَّه مُؤَكَّد، أمَّا المُجَازَاة فإن اللَّه تعالى قد يَغفِر عن المُذنِب ذُنوبه.
الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: إن قال قائِل: هل يُؤْخَذ مِن الآيةِ الكريمة: وُجُوبُ طَاعةِ الوالِدَين في غير مَعصِية اللَّه تعالى؟
فالجَوابُ: إذا أَمَرَا بغير المَعصية فالآيةُ سكَتَتْ عن ذلك، فحَرَّمَت الطاعَة في المعصية وسكَتَتْ عمَّا عَدَا ذلك، لكن قد يُقال: إنَّ قولَه تعالى: ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ يَدُلُّ على وُجُوبِ طاعتِهما في غَيْر المَعْصِيَة؛ لأنَّه لا شَكَّ أن مُصاحَبتَهما في المَعروف بِامتِثَال أمرِهما، وعلى هذا فقَدْ يُسْتَدَلُّ بعُمومِ قوله تعالى: ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ على وجوبِ طاعتِهما في غير المَعْصِيَة، ولكنَّه سَبَق لنا أثناء التَّفسير أنَّ شيخ الإِسلام ابنَ تيميَّةَ (^١) ﵀ يَقول: تَجِبُ طاعتُهما فيما فيه نَفْعٌ لهما ولا ضرَرَ عليه فيه، أمَّا ما فيه ضرَرٌ عليه فلا يَجِبُ عليه الطاعة؛ ولهذا لمَّا ذَكَرَ أهلُ العِلْم ﵏ أن لِلأَبِ أن يَتَمَلَّكَ مِن مَالِ ولَدِه ما شاء قالوا: بشَرْط ألَّا يَضُرَّ الولَد، فإِنْ ضَرَّ الولَد فإنه ليس له أن يَتَمَلَّك، بل قالوا: بشَرْط ألَّا يَضُرَّه وألَّا تَتَعَلَّقَ بِه حاجتُه، فإن تَعلَّقَت به حاجتُهُ فليس له أن يَتَملَّكَه.
والمَقصود بالحاجة هنا حاجتُه الخاصَّة بمَعنَى أنه مثَلًا لا يَجِد غيره، أو كل شيء يَحتاجه، لكن مثلًا إناء يَحتاجه فيَشتَرِي بدَله، أمَّا (زُهْرِيَّة) يَحتاجُها فلا نَقول للأَبِ: أن تَتَمَلَّكَها؛ لأن هذا يُفَوِّت على الابنِ حاجتَه واستِمْتاعَه بها.
فإن قال قائِل: قد قال اللَّه تعالى: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ
(^١) انظر: الاختيارات العلمية (٥/ ٣٨١).
1 / 98