الآية (٣٢)
* قالَ اللَّه ﷿: ﴿وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ﴾ [لقمان: ٣٢].
* * *
قوله ﵀: [﴿وَإِذَا غَشِيَهُمْ﴾ أي: علَا الكُفَّارَ ﴿مَوْجٌ كَالظُّلَلِ﴾ أي: كالجِبال التي تُظلِّل مَن تَحتَها،، قوله تعالى: ﴿غَشِيَهُمْ﴾ يَقول المُفَسِّر ﵀: [أي: عَلَا الكُفَّارَ] وأَصْل التَّغْشية أي: التَّغْطية، ومنه قوله تعالى: ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ﴾ وقوله ﷾: ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ﴾ [الرعد: ٣] أي: يُغطِّيه، وقوله تعالى: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى﴾ [الليل: ١] أي: يُغطِّي وَيَستُر، فأمثِلة ذلك كثيرة، فمَعنَى قوله تعالى: ﴿وَإِذَا غَشِيَهُمْ﴾ أي: غَطَّاهم، ولا يُغطِّيهم إلَّا بعد عُلُوِّه عليهم.
و(المَوْجُ): ما يَحصُل من الماء المتجَمِّع الذي يَعلُو حتى يُغطِّيَ السُّفُن ويُغرِقها.
وقوله ﷾: ﴿كَالظُّلَلِ﴾ يَقول المُفَسِّر ﵀: [كالجِبال التي تُظلِّل مَن تَحتَها]، وهذا مُشاهَد، فإذا رأَيْت البَحْر في شِدَّة الأمواج تَجِد المِياه تَأتِي كأنها جِبال، وأحيانًا تَتَلاطَم ثُمَّ يَعْلو منها زُمْرَةٌ كبيرة عالية جِدًّا في البَحْر.
وهذه الأَمْواجُ إذا غشِيَتْهم: ﴿دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ وهمُ الكُفَّار؛ فيَدْعون اللَّه ﷾ يَسأَلونه ﴿مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ لا يَسأَلون غيرَه، ففي هذه الحالِ لا يَقول عابِدو اللاتِ: يا لاتُ أَنْقِذِينا، لأنه يَعرِف أنها لا تُنقِذ، ولا عابِدُ العُزَّى ومَناةَ،