Tafsir Al-Uthaymeen: Juz' Amma
تفسير العثيمين: جزء عم
Publisher
دار الثريا للنشر والتوزيع
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
Publisher Location
الرياض
Genres
يؤمن به وإنما آمن بالحياة فقط، فهو لا يهتم بما ورائها، ولا يعمل لذلك، وإنما يبقى كالأنعام يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم. والله يقرن الإيمان به بالإيمان باليوم الآخر دائمًا؛ لأن الإيمان بالله ابتداء والإيمان باليوم الآخر انتهاء.
فتؤمن بالله ثم تعمل لليوم الآخر الذي هو المقر، فهؤلاء - والعياذ بالله - كذبوا بيوم الدين، ومن كذب به لا يمكن أن يعمل له أبدًا؛ لأن العمل مبني على عقيدة، فإذا لم يكن هناك عقيدة فلا عمل، ولهذا قال: ﴿وما يكذب به إلا كل معتدٍ أثيم﴾ أي ما يكذب بيوم الدين وينكره ﴿إلا كل معتد أثيم﴾: ﴿معتد﴾ في أفعاله ﴿أثيم﴾ في أقواله، وقيل: ﴿معتد﴾ في أفعاله ﴿أثيم﴾ في كسبه أي أن مآله إلى الإثم، والمعنيان متقاربان فلا يمكن أن يكذب بيوم الدين إلا رجل معتد أثيم، آثم كاسب للآثام التي تؤدي به إلى نار جهنم نعوذ بالله ﴿إذا تتلى عليه آياتنا﴾ يعني إذا تلاها عليه أحد، وهذا يدل على أن هذا الرجل لا يفكر أن يتلو آيات الله ولكنها تتلى عليه فإذا تليت عليه ﴿قال أساطير الأولين﴾ أي هذه أساطير الأولين وأساطير: جمع أسطورة وهي الكلام الذي يذكر للتسلي ولا حقيقة له ولا أصل له، فيقول: هذا القرآن أساطير الأولين، ولم ينتفع بالقرآن وهو أبلغ الكلام وأشده تأثيرًا على القلب حتى قال الله تعالى: ﴿إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد﴾ [ق: ٣٧] . لأنه يكذب بيوم الدين، وما يكذب به إلا كل معتدٍ أثيم، فلم يكن مؤمنًا فلم يصل نور آيات الله ﷿ إلى قلبه، بل يراها مثل أساطير الأولين التي يتكلم بها العجائز وليس لها أي حقيقة وليس فيها أي جد. قال الله ﷿ ﴿كلا بل﴾ أي ليست أساطير الأولين ولكن هؤلاء ﴿ران على قلوبهم﴾ أي اجتمع عليها وحجبها عن الحق ﴿ما كانوا يكسبون﴾ أي
1 / 99