281

Tafsīr al-ʿUthaymīn: Juzʾ ʿAmma

تفسير العثيمين: جزء عم

Publisher

دار الثريا للنشر والتوزيع

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

Publisher Location

الرياض

Genres

لا يعامل هذه المعاملة بل ينادى على رؤوس الأشهاد ﴿هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين﴾ [هود: ١٨] . وقوله: ﴿ليروا أعمالهم﴾ هذا مضاف والمضاف يقتضي العموم وظاهره أنهم يرون الأعمال الصغير والكبير وهو كذلك، إلا ما غفره الله من قبل بحسنات، أو دعاء أو ما أشبه ذلك فهذا يمحى كما قال الله تعالى ﴿إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين﴾ [هود: ١١٤] . فيرى الإنسان عمله، يرى عمله القليل والكثير حتى يتبين له الأمر جليًّا ويعطى كتابه ويقال: ﴿اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا﴾ [الإسراء: ٦٤] .
ولهذا يجب على الإنسان أن لا يقدم على شيء لا يرضي الله ﷿؛ لأنه يعلم أنه مكتوب عليه، وأنه سوف يحاسب عليه. ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره. ومن يعمل مثقال ذرة شًّرا يره﴾ ﴿من﴾ شرطية تفيد العموم، يعني: أي إنسان يعمل مثقال ذرة فإنه سيراه، سواء من الخير، أو من الشر ﴿مثقال ذرة﴾ يعني وزن ذرة، والمراد بالذرة: صغار النمل كما هو معروف، وليس المراد بالذرة: الذرة المتعارف عليها اليوم كما ادعاه بعضهم، لأن هذه الذرة المتعارف عليها اليوم ليست معروفة في ذلك الوقت، والله ﷿ لا يخاطب الناس إلا بما يفهمون، وإنما ذكر الذرة لأنها مضرب المثل في القلة، كما قال الله تعالى: ﴿إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها﴾ [النساء: ٤٠] . ومن المعلوم أن من عمل ولو أدنى من الذرة فإنه سوف يجده، لكن لما كانت الذرة مضرب المثل في القلة قال الله تعالى ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره﴾ .
وقوله ﵎: ﴿مثقال ذرة﴾ يفيد أن الذي يوزن هو الأعمال، وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم:

1 / 287