255

Tafsīr al-ʿUthaymīn: Juzʾ ʿAmma

تفسير العثيمين: جزء عم

Publisher

دار الثريا للنشر والتوزيع

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

Publisher Location

الرياض

Genres

ويرى أنه إن وكله الله إلى نفسه وكله إلى ضعف وعجز وعورة، وأنه لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضًّرا، هذا هو المؤمن، لكن الإنسان من حيث هو إنسان من طبيعته الطغيان، وهذا كقوله تعالى: ﴿وحملها الإنسان إنه كان ظلومًا جهولًا﴾ [الأحزاب: ٧٢] . ثم قال ﷿ مهددًا هذا الطاغية ﴿إن إلى ربك الرجعى﴾ أي المرجع يعني مهما طغيت وعلوت واستكبرت واستغنيت فإن مرجعك إلى الله ﷿، كما قال الله ﵎ ﴿إلا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر. إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم﴾ [الغاشية: ٢٣ - ٢٦] .
وإذا كان المرجع إلى الله في كل الأمور فإنه لا يمكن لأحد أن يفر من قضاء الله أبدًا، ولا من ثواب الله وعدله، وقوله: ﴿إن إلى ربك الرجعى﴾ ربما نقول إنه أعم من الوعيد والتهديد يعني أنه يشمل الوعيد والتهديد، ويشمل ما هو أعم فيكون المعنى أن إلى الله المرجع في كل شيء في الأمور الشرعية التحاكم إلى الكتاب والسنة ﴿فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول﴾ [النساء: ٥٩] . والأمور الكونية المرجع فيها إلى الله ﴿إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم﴾ [الأنفال: ٩] . فلا رجوع للعبد إلا إلى الله، كل الأمور ترجع إلى الله ﷿، يفعل ما يشاء، حتى ما يحصل بين الناس من الحروب والفتن والشرور فإن الله هو الذي قدرها، لكنه قدرها لحكمة كما قال الله تعالى: ﴿ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد﴾ [البقرة: ٢٥٣] . إذن ﴿إن إلى ربك الرجعى﴾ يكون فيها تهديد لهذا الإنسان الذي طغى حين رأى نفسه مستغنيًا عن ربه، وفيها أيضًا ما هو أشمل وأعم وهو أن المرجع إلى الله تعالى في كل الأمور. ثم قال: ﴿أرأيت الذي ينهى عبدًا

1 / 261