وتوجيه كلامه ﵁ مع أن العسر ذكر مرتين واليسر ذكر مرتين. قال أهل البلاغة: توجيه كلامه أن العسر لم يذكر إلا مرة واحدة ﴿فإن مع العسر يسرًا.
إن مع العسر يسرًا﴾ العسر الأول أعيد في الثانية بأل، فأل هنا للعهد الذكري، وأما يسر فإنه لم يأت معرفًا بل جاء منكرًا، والقاعدة: أنه إذا كرر الاسم مرتين بصيغة التعريف فالثاني هو الأول إلا ما ندر، وإذا كرر الاسم مرتين بصيغة التنكير فالثاني غير الأول، لأن الثاني نكرة، فهو غير الأول، إذًا في الآيتين الكريمتين يسران وفيهما عسر واحد، لأن العسر كرر مرتين بصيغة التعريف ﴿فإن مع العسر يسرًا﴾ هذا الكلام خبر من الله ﷿، وخبره جل وعلا أكمل الأخبار صدقًا، ووعده لا يخلف، فكلما تعسر عليك الأمر فانتظر التيسير، أما في الأمور الشرعية فظاهر، ففي الصلاة: صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فهذا تيسير، إذا شق عليك القيام اجلس، إن شق عليك الجلوس صل وأنت على جنبك، وفي الصيام إن قدرت وأنت في الحضر فصم، وإن لم تقدر فأفطر، إذا كنت مسافرًا فأفطر، في الحج إن استطعت إليه سبيلًا فحج، وإن لم تستطع فلا حج عليك، بل إذا شرعت في الحج وأحصرت ولم تتمكن معه من إكمال الحج فتحلل، وافسخ الحج واهدِ لقول الله تعالى: ﴿وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي﴾ [البقرة: ١٩٦] . إذًا كل عسر يحدث للإنسان في العبادة يجد التسهيل واليسر.
كذلك في القضاء والقدر، يعني تقدير الله على الإنسان من مصائب، وضيق عيش، وضيق صدر وغيره لا ييأس، فإن مع العسر يسرًا، والتيسير قد يكون أمرًا ظاهرًا حسيًّا، مثل: أن يكون الإنسان فقيرًا فتضيق عليه الأمور فييسر الله له الغنى، مثال آخر: إنسان مريض