237

Tafsīr al-ʿUthaymīn: Juzʾ ʿAmma

تفسير العثيمين: جزء عم

Publisher

دار الثريا للنشر والتوزيع

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

Publisher Location

الرياض

Genres

عيناه» (^١)، والشاهد من هذا قوله: «رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله» فشرح الصدر للحكم الشرعي معناه قبول الحكم الشرعي والرضا به وامتثاله، وأن يقول القائل سمعنا وأطعنا، وأنت بنفسك أحيانًا تجد قلبك منشرحًا للعبادة تفعلها بسهولة وانقياد وطمأنينة ورضا، وأحيانًا بالعكس لولا خوفك من الإثم ما فعلت، فإذا كان هذا الاختلاف في الشخص الواحد فما بالك بالأشخاص.
وأما انشراح الصدر للحكم القدري، فالإنسان الذي شرح الله صدره للحكم الكوني تجده راضيًا بقضاء الله وقدره، مطمئنًا إليه، يقول: أنا عبد، والله رب يفعل ما يشاء، هذا الرجل الذي على هذه الحال سيكون دائمًا في سرور لا يغتم ولا يهتم، هو يتألم لكنه لا يصل إلى أن يحمل هًّما أو غمًّا ولهذا جاء في الحديث الصحيح أن النبي ﵊ قال: «عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك إلا للمؤمن، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له» (^٢)، إذًا شرح الصدر يعني توسعته وتهيئته لأحكام الله الشرعية والقدرية، لا يضيق بأحكام الله ذرعًا إطلاقًا، ونبينا محمد ﷺ له الحظ الأوفر من ذلك، ولهذا تجده أتقى الناس لله، وأشدهم قيامًا بطاعة الله، وأكثرهم صبرًا على أقدار الله، ماذا فعل الناس به حين قام بالدعوة؟ وماذا يصيبه من الأمراض؟ حتى إنه يوعك كما يوعك الرجلان منا يعني من المرض يشدد عليه يعني كرجلين منا، فعن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: دخلت على رسول الله ﷺ وهو

(^١) أخرجه البخاري، كتاب الحدود باب فضل من ترك الفواحش (٦٨٠٦٩) ومسلم كتاب الزكاة باب فضل إخفاء الصدقة (١٠٣١) (٩١) .
(^٢) تقدم تخريجه ص (٧٨) .

1 / 243