111

Tafsir Al-Uthaymeen: Juz' Amma

تفسير العثيمين: جزء عم

Publisher

دار الثريا للنشر والتوزيع

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

Publisher Location

الرياض

Genres

ومعنى ﴿إذا اتسق﴾ يعني إذا اجتمع نوره وتم وكمل، وذلك في ليالي الإبدار. فأقسم الله ﷿ ﴿بالليل وما وسق﴾ أي ما جمع. وبالقمر لأنه آية الليل، ثم قال بعد ذلك: ﴿لتركبن طبقًا عن طبق﴾ هذه الجملة جواب القسم وهي مؤكدة بثلاث مؤكدات: القسم، واللام، ونون التوكيد والخطاب هنا لجميع الناس، أي لتتحولن حالًا عن حال، وهو يعني أن الأحوال تتغير فيشمل أحوال الزمان، وأحوال المكان، وأحوال الأبدان، وأحوال القلوب: الأول: أحوال الزمان تتنقل ﴿وتلك الأيام نداولها بين الناس﴾ [آل عمران: ١٤٠] . فيوم يكون فيه السرور والانشراح وانبساط النفس، ويوم آخر يكون بالعكس، حتى إن الإنسان ليشعر بهذا من غير أن يكون هناك سبب معلوم، وفي هذا يقول الشاعر: فيوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسر وهذا شيء يعرفه كل واحد بنفسه تصبح اليوم فرحًا مسرورًا وفي اليوم الثاني بالعكس بدون سبب لكن هكذا لابد أن الإنسان يركب طبقًا عن طبق. وتتغير حال الزمان من أمن إلى خوف، ومن حرب إلى سلم، ومن قحط إلى مطر، ومن جدب إلى خصب إلى غير ذلك من تقلبات الأحوال.. الثاني: الأمكنة ينزل الإنسان هذا اليوم منزلًا، وفي اليوم التالي منزلًا آخر، وثالثًا ورابعًا إلى أن تنتهي به المنازل في الآخرة، وما قبل الآخرة وهي القبور هي منازل مؤقتة. القبور ليست هي آخر المنازل بل هي مرحلة. وسمع أعرابي رجلًا يقرأ قول الله تعالى: ﴿ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر﴾ فقال الأعرابي: «والله ما الزائر بمقيم» فالأعرابي بفطرته عرف أن وراء هذه القبور شيئًا يكون المصير إليه، لأنه كما هو معلوم الزائر يزور ويمشي، وبه نعرف أن ما نقرؤه في الجرائد «فلان توفي ثم نقلوه إلى مثواه الأخير» أن هذه الكلمة غلط كبير ومدلولها كفر بالله ﷿ كفر باليوم الآخر، لأنك إذا جعلت القبر هو المثوى

1 / 117