372

Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-Zumar

تفسير العثيمين: الزمر

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

وهذا يَقتَضي العِناية بها، مثل قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾، ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾ [النور: ٣٠ - ٣١]، وقوله ﵎: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا﴾ [الزمر: ٥٣]، فهذه تَوْصية خاصَّة بأن يُبلِغها الرسول ﷺ إلى الأُمَّة، فيَقتَضِي ذلك العِناية بهم.
ولْيُنتَبَهْ لهذه النُّقْطةِ: فإذا صدَّر الله تعالى الحُكْم بـ ﴿قُلْ﴾ دليل على العِناية به؛ لأن هذا أَمْر بإبلاغه على وجه الخُصوص، أمَّا القرآن فأُمِر أن يُبلِغه على سبيل العُموم؛ لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن الخَلْق كلَّهم عِباد الله تعالى ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا﴾؛ لأن العِباد هنا المُراد بها: العِبادة العامة.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن مَن تاب إلى الله تعالى تاب الله تعالى عليه من الشِّرْك فما دونَه، وهذا أمرٌ مُجمَعٌ عليه، لكن اختَلَف العُلَماءُ ﵏ فيمَن قتَل نَفْسًا عمدًا هل له من تَوْبة؟
فرُوِيَ عن ابن عباس ﵄ أنه لا تَوبةَ لقاتِل (١)، فأَخَذ بها بعض العُلَماء ﵏ وقالوا: إن القاتِل لا تَوبةَ له ولو تاب، ولكن هذا ليس بصحيح؛ لأنه مُخالِف للآيات والأحاديث الدالَّة على قَبول توبة التائِب من الشِّرْك فما دونَه.
ويَدُلُّ على بُطلان هذا القولِ قولُه تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (٦٩) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ

(١) أخرجه البخاري: كتاب تفسير القرآن، باب قوله: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾، رقم (٤٧٦٤)، ومسلم: كتاب التفسير، باب، رقم (٣٠٢٣).

1 / 376