295

Tafsir Al-Uthaymeen: Az-Zumar

تفسير العثيمين: الزمر

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

والقَضاء الكَونيُّ مثل قوله تعالى: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ﴾ [الإسراء: ٤]، فإن الله ﵎ لا يَقضِي بالفَساد في الأرض قضاءً شرعيًّا، إنما هو قَضاءٌ كونيٌّ، وهنا يَقول تعالى: ﴿قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ﴾، أي: قضاءً كونِيًّا.
ثُمَّ قال تعالى: ﴿فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى﴾ وهي التي تَوفَّاها في مَنامها يُرسِلها إلى أجلٍ مُسمًّى، أي: إلى أجَلٍ مُعيَّن وهو الموت، يَعنِي: يُرسِلها تَذهَب إلى جسَدها وتَبقَى فيه إلى أجَلٍ مُسمًّى، أي: مُعيَّنٍ مُحدَّد.
وقوله ﵀: [﴿فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ وقت مَوْتها] هذا الأجَلُ المُسمَّى، [والمُرسَلة: نفس التَّمييز تَبقَى بدونها نَفْس الحياة، بخِلاف العَكْس]، كأن المُفَسِّر ﵀ يَقول: إن الأنفس نَوْعان: نَفْس تَميِيز، ونَفْس حَياة؛ فنَفْس التَّميِيز هي المُرسَلة: ﴿وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ وتَبقَى بدونها الحياة، فالنائِم في حياةٍ لا شَكَّ، فنَفْس التَّمييز تَبقَى بعدَها الحياة، والعَكْس لا؛ ولهذا قال ﵀: [بخِلافِ العَكْس]، فإن نَفْس الحياة إذا قُبِضت لا تَبقَى بعدها نَفْس التَّمييز، فأَفادَنا ﵀ أن الأَنْفسَ في قوله تعالى: ﴿الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾ أَنفُسُ الحياة ويَتبَعها أنفُس تَمييز، قال تعالى: ﴿وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا﴾ أي: أَنفُس التَّمييز.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ يَعنِي: الوفاة للنَّفْسين، والإِرْسال لإحداهما وإِمْساك الأخرى فيه آيات، والآيات التي معَنا واضِحة جِدًّا، وهي أربعة: وَفاة الموت، ووفاة النَّوْم، وإمساك المَيْتة، وإرسال النائِمة؛ وكلها من آيات الله ﷿، وإنك لتَأتي إلى القوم جماعةً نائِمين

1 / 299