240

Tafsir Al-Uthaymeen: Az-Zumar

تفسير العثيمين: الزمر

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

وقوله ﵀: [﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ الشِّرْكَ] ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ أتَى باسْمِ الإشارة للبَعيد لعُلوِّ مَرتَبتهم ولم يَقُل: هؤلاءِ. بل قال تعالى: ﴿أُولَئِكَ﴾ و﴿أُولَئِكَ﴾ يُشار بها للبَعيد، وإنما أُشير لها إشارة البَعيد مع دُنوِّ التَّحدُّث عنهم؛ لعُلوِّ مَرتَبتهم.
وقول المُفَسِّر ﵀: [﴿الْمُتَّقُونَ﴾ الشِّرْكَ] من أَغرَب ما يَكون؛ لأن الحديث الآنَ عن الصِّدْق والتَّصديق بالصِّدْق، فأين الشِّرْك؟ فإنه لم يَتَقدَّم له ذِكْر، ولو أَرَدْنا أن نُخصِّص لقُلْنا: أُولئِك هُمُ المُتَّقون الكذِبَ والتَّكذيبَ بالحقِّ، مع أن الذي يَدُلُّ عليه الدليلُ: أن المَعنَى: أُولئك هُمُ المُتَّقون اللهَ تعالى، وذلك لأن التَّقوى إذا أُطلِقَت فإنما يُراد بها تَقوى الله تعالى، أمَّا إذا قُيِّدت فهي حَسبما قُيِّدت به، فقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٨١] هذا لليومِ، وقوله ﷾: ﴿وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٣١] هذا للنَّار.
وقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ هذا لله تعالى؛ وعند الإِطْلاق لله تعالى؛ لأن الله تعالى أحقُّ أن يُتَّقى ﷿؛ فهنا نَقول: (﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ الله)؛ ولهذا جاؤُوا بالصِّدْق وصدَّقوا به تَقوَى لله ﷿.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: الثَّناء علي مَن قال بالصِّدْق، والصِّدْق واجِب، والكذِب مُحرَّم، وقد يَقول قائِل: إنه من كَبائِر الذُّنوب؛ لأن النبيَّ ﷺ جعَله من آيات النِّفاق (١)، والمُنافِق ليس من المُؤمِنين؛ فلو قال قائِل: إن الكذِب من كبائِر الذُّنوب لم يَكُن قوله بعيدًا.

(١) أخرجه البخاري: كتاب الإيمان، باب علامة المنافق، رقم (٣٣)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق، رقم (٥٩)، من حديث أبي هريرة ﵁.

1 / 244