وفي زمَن عيسى ﵇ كافِرون، والنَّصارى في زمَن عِيسى ﵇ مُسلِمون، وفي زمَن محمَّدٍ ﷺ كافِرون؛ لذلك نَجِد أن الله ﷿ يَصِف بالإسلام قومَ نوحٍ ومَن بَعدَهم.
أمَّا المَعنَى الخاصُّ للإسلام فهو ما كان خاصًّا بشَرْع محمدٍ ﷺ، فالناس بعد بعثة مُحمدٍ ﷺ إمَّا مُسلِمون وإمَّا كافِرون، فالمُسلِمون مَنِ اتَّبَعوا الرسول ﷺ دون غيره، وهذا يُسمَّى: الإسلامَ الخاصَّ، فقوله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ يَعنِي به الإسلام الذي بُعِث به مُحمَّد ﷺ، ولا يُمكِن لأَحَدٍ أن يَدَّعيَ أنه مُسلِم بعد بعثة النَّبيِّ ﷺ إلَّا إذا كان مُتَّبِعًا له؛ لأن الإسلام بعد بعثته صار خاصًّا بمَنِ اتَّبَع شَريعته.
فهنا قوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ﴾ نُفسِّره بالمَعنَى العامِّ، فيَشمَل مَن شرَح الله تعالى صَدْره للإسلام في عهد الأنبياء السابِقين، ومَن شرَح الله تعالى صَدْره للإسلام في عهد الرسول ﷺ، قال موسى ﷺ: ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾ [طه: ٢٥، ٢٦]، لكن إذا كان الخِطاب مُوجَّهًا إلى ما بعدَ بعثة الرسول ﷺ فإنه يَتَعيَّن أن يَكون المُرادُ به الخاصَّ.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن مَن شَرَح الله صدره للإسلام - وأَسأَل الله تعالى أن يَجعَلَني وإيَّاكم منهم - يَجِد نَفْسه قابِلًا لشرائِع الإسلام مَسرورًا بها، ويَفرَح إذا أدَّى طاعةً من طاعاتِ الله تعالى، ويَحزَن إذا فعَل مَعصيةً من مَعاصي الله تعالى، حتى إن الذين بلَغوا الغاية في هذا يَغتَمُّون لما حصَل منهم من خَلَل وإن لم يَكُن عن قَصْد، يَعنِي: إذا فاتَتْه عِبادة يَجِد نفسه في غمٍّ وحُزْن وهو لا يَشعُر بذلك.
وأَضرِب لهذا مَثَلًا بالنبيِّ صلوات الله وسلامه عليه لمَّا سلَّم من ركعتين من