Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf

Muhammad ibn Salih al-Uthaymeen d. 1421 AH
38

Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf

تفسير العثيمين: الزخرف

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

ثَالثًا: قَال اللهُ ﷿ بعْدَ قولِهِ: ﴿لَا تَنْفُذُونَ إلا بِسُلْطَانٍ﴾ قَال: ﴿يُرْسَلُ عَلَيكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ﴾ [الرحمن: ٣٥] وَلَمْ يُرسَلْ عَلَى هَؤُلاءِ شُواظٌ مِنْ نَارٍ ونُحَاسٌ؛ فتَفسيرُ القُرَآنِ بمَا لَا يَحتَمِلُه هَذَا محُرَّم؛ لأَنَّ المُفسِّر يَشْهَدُ أن اللهَ أَرَادَ كَذَا. ومثْلُ قَولِ بعضِهِمْ: ﴿وَتَرَى الْجِبَال تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ﴾ [النمل: ٨٨] قَال: هَذَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أن الأرْضَ تَدُور. والمَسأَلةُ هذ حَصَلَ فِيهَا مَعرَكَةٌ كَبِيرةٌ: هَلِ الأَرْضُ تَدُورُ أَوْ لَا تَدُورُ؟ وكُتِبت فِي ذَلِكَ مَنشُوراتٌ فِي الصُّحفِ ورسَائِلُ صَغِيرةٌ؛ إنْكَارًا وتَأيِيدًا، فجَاءَ هَذَا الرَّجُل المُتعلِّم فقَال: هَذهِ في القُرآنِ: ﴿وَتَرَى الْجِبَال تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ﴾ قِيلَ: هَذَا يومَ القِيَامَةِ. قَال: يَومَ القِيامَةَ لَا يُمكِنُ أَنْ يُرَى الشَّيءُ إلَّا عَلَى حقِيقَتِهِ، لَا يَرَاهُ عَلَى غَيرِ حقيقَتِهِ. فقِيلَ لَهُ جَوَابًا عَلَى هَذَا: أَلَمْ تَقْرَأْ قَولَ اللهِ ﷿: ﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى﴾ [الحج: ١ - ٢] فهَذَا رؤْيةُ الشَّيءِ عَلَى غَيرِ حقيقَتِهِ، وهُوَ مُمكِن؛ فالْآيَةُ ﴿وَتَرَى الْجِبَال تَحْسَبُهَا جَامِدَةً﴾ يَوْمَ القِيامَةِ ﴿وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ﴾ لأنَّها تَكُونُ هَبَاءً. فهَذَا أيضًا مِنَ الغَلَطِ، وتَحْمِيلِ القُرآنِ مَا لَا يَحْتَمِلُ.

1 / 42