232

Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-Shūrā

تفسير العثيمين: الشورى

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٧ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

عبادي من لو أفقرْتُه لأفسده الفقرُ" (^١)، فاللهُ ﵎ حكيمٌ. وكم من إنسانٍ رجع إلى اللهِ تعالى بسببِ المصائبِ من فقرٍ، أو موتِ قريبٍ، أو صديقٍ، أو ما أَشْبَهَ ذلك.
قولُهُ: ﴿مَا يَشَاءُ﴾ قال المُفسِّر ﵀: [فيبسُطُها لبعضِ عبادِه دون بعضٍ، وينشأ عن البسطِ] يعني توزيعَ الرزقِ [البغيُ]، هذا كالتعليلِ؛ لكونِ الجواب: لو بسطَ اللهُ الرزقَ لعبادِهِ لَبَغَوْا؛ بأنه ينشأُ عن البسطِ البغيُ والطغيانُ والإستكبارُ عن العبادةِ والتكذيبُ بالحقِّ.
قولُهُ: ﴿إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ الجملةُ استئنافيَّةٌ تُبيِّنُ أن بَسْطَه الرِّزْقَ وعدَمَه ناشئٌ عن عِلْمٍ وخبرةٍ، والخبرةُ أخصُّ من العِلْمِ؛ لأنَّها العلمُ ببواطنِ الأمورِ، ولكن نقولُ: إن العلمَ ببواطِنِ الأمورِ يدلُّ بالإلتزامِ على العِلْمِ بظواهرِ الأمورِ من بابِ أولى.
﴿بَصِيرٌ﴾ مأخوذةٌ من الإبصارِ بالعيْنِ، ومن البصيرةِ وهي العِلْمُ، فيكونُ بصيرٌ لها معنيان: الأولُ: من الإبصارِ وهو الرؤيا بالعيْنِ، والثاني: من البصيرةِ وهي العلمُ ﴿إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾، وهذا يعني أنه يُضَيِّقُ على من شاء ويوسِّعُ على من شاء.
من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:
الْفَائِدَة الأُولَى: أن بَسْطَ الرزقِ وتضييقَهُ من عندِ اللهِ وحده؛ لقولِهِ: ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ﴾.

(^١) أخرجه أبو نعيم في الحلية (٨/ ٣١٨ - ٣١٩)، والبيهقي في الأسماء والصفات رقم (٢٣١)، من حديث أنس ﵁.

1 / 236