الآية (١٤)
* * *
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ﴾ [الشورى: ١٤].
* * *
قال المُفسِّر ﵀: [﴿وَمَا تَفَرَّقُوا﴾ أي: أهلُ الأديانِ في الدينِ بأن وَحَّدَ بعضٌ، وكَفَرَ بعضٌ، ﴿إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ﴾ بالتوحيدِ ﴿بَغْيًا﴾ من الكافرين، ﴿بَيْنَهُمْ﴾].
﴿وَمَا تَفَرَّقُوا﴾ يقولُ المُفسِّر: [أي: أهلُ الأديانِ] وهذا تفسيرٌ جيدٌ، وقد ذَكَرَ اللهُ ﵎ في سورةِ البَيِّنَةِ قولَهُ: ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ [البَيِّنَةِ: ٤]، فهل نقولُ: إن هذه الآيةَ العامَّةَ، ﴿وَمَا تَفَرَّقُوا﴾ تُخَصَّصُ بآيةِ البيِّنةِ ويكونُ المرادُ: وما تَفَرَّقَ الذين أوتوا الكتابَ؟ أو نقولُ: هي عامَّةٌ ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ بعضٌ من الأفرادِ، وإذا ذُكِرَ بعضُ الأفرادِ بحكمٍ يطابقُ حكمَ العامِّ، فإنه لا يُعَدُّ مُخَصِّصًا؟ الجوابُ: الثاني. وهذه قاعدةٌ أصوليَّةٌ أنه إذا ذُكِرَ بعضُ أفرادِ العامِّ بحكمٍ يطابقُ العامَّ، فهذا ليس بتخصيصٍ.
مثالُهُ: قلتُ: أَكْرِمِ الطلبةَ، ثم قلتُ: أَكْرِمْ محمَّدًا وهو منهم، هل هذا يقتضي ألا تُكْرِمَ سواه؟ لا، إذن: ذِكْرُهُ بحكمٍ يوافقُ حُكْمَ العام، لا يقتضي تخصيصَه به،