108

Tafsir Al-Uthaymeen: As-Sajdah

تفسير العثيمين: السجدة

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

وقوله تعالى: ﴿بِأَمْرِنَا﴾ يُحتَمَل أن يكون الأمْر الشَّرْعي أو الأَمْر الكَوْني، فإن كان المرادُ به الشَّرْعيَّ، فالمعنى: يَهْدُون النَّاسَ بالشَّرْع؛ أي: إليه، وإن كان الأَمْرُ قَدَرِيًّا فالمعنى: أنَّهُم يَهْدونَ ذلك وَيدُلُّونهم بقَدَرِنا وتَقْدِيرنا، والحقيقةُ: أنَّ الأَمْر هنا شاملٌ للمعنيينِ جميعًا. وقوله ﵀: [﴿لَمَّا صَبَرُوا﴾ على دينهم وعلى البلاءِ مِنْ عَدُوِّهِم، وفي قراءةٍ بِكَسْرِ اللام وتخفيف الميم] وهي: (لِمَا صَبَرُوا)]. فقوله ﷾: ﴿لَمَّا صَبَرُوا﴾ لما هذه فيها قراءتان: قراءة: (لِمَا صَبَرُوا)، وقراءة: ﴿لَمَّا صَبَرُواْ﴾، أما على قراءَةِ: ﴿لَمَّا صَبَرُواْ﴾ فهي بمعنى حينَ، فهي إذن ظَرْف، وأما على قراءة (لِمَا صَبَرُوا) فاللَّامُ حَرْفُ جَرٍّ و(ما) مَصْدَرِيَّة؛ أي: لصَبْرِهم، وتكون اللام هنا لامَ التَّعليل. وقوله ﷾: ﴿صَبَرُوا﴾ قال المُفَسِّر ﵀: [على دينهم وعلى البَلاءِ من عَدُوِّهم]، وهذا هو الحق، فيقول: الصَّبْرُ هنا على أحكامِ الله الكَوْنيَّة والشَّرعيَّة؛ فالشَّرعيَّة على دِينِهِم، والكَوْنِيَّة على قوله ﵀: [وعلى البلاءِ مِن عَدُوِّهم]. وقوله ﵀: [﴿وَكَانُوا بِآيَاتِنَا﴾ الدالَّةِ على قُدْرَتِنا ووَحْدَانِيَّتنا ﴿يُوقِنُونَ﴾] ﴿وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ الواو حرف عطف، و(كان) معطوفَةٌ على ﴿صَبَرُواْ﴾، يعني لهذين الأَمْرَينِ: الصَّبْرِ واليقينِ، واليقينُ هو أعلى درجاتِ الإيمان؛ لأنَّ اليقينَ معناه: أنه يقينٌ لا تَزَعْزُعَ معه ولا شَكَّ فيه، وقد قيل: (بالصَّبْر واليَقينِ تُنالُ الإمامةُ في الدِّينِ)، وهي مأخوذَةٌ من هذه الآيَةِ: ﴿لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾. وقوله ﵀: [﴿وَكَانُوا بِآيَاتِنَا﴾ الدَّالَّة على قُدْرَتنا ووَحْدانِيَّتنا] يَشْمَلُ الآياتِ الشَّرعيَّةَ والكونيَّةَ.

1 / 113