164

Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-Rūm

تفسير العثيمين: الروم

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

﴿لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [آل عمران: ١٢٧]، قَالَ أهْلُ العِلْم: إنَّ انْتِصارَهُم هَذَا يُؤدّي إِلَى أنْ يتشَجَّعُوا عَلَى مُحَارَبَةِ الرَّسُولِ ﷺ، حتَّى تكُونَ نهايَتُهم أنْ يُقْطَع طرَفٌ منْهُم.
وعَلَى كُلِّ حَالٍ: حقيقَةُ هَذا الظُّهورِ عَلَى المُسْلِمينَ ليْسَ نصْرًا لهَؤُلاءِ، ولكِنْ مِن أجْلِ الاسْتِدْراجِ بالنِّسبَةِ لهم، والابْتِلاءُ والامْتِحانُ بالنِّسبَةِ للمُؤْمِنينِ لمخَالفَتِهم؛ لقَوْلِه تَعالَى: ﴿حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: ١٥٢]، يعْنِي: بعْدَ مَا أَراكُم مَا تُحِبّون حصَل مَا تكْرَهُونَ.
الفائِدَةُ السابعةُ: الحثّ عَلَى طلَبِ العِلْم والعَمَلِ بِه؛ لقوْلِه تَعالَى: ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾.
وهَلْ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى ما ذَهَبت إِلَيْهِ الجبرَّيةُ؛ لقوْلِه تَعالَى: ﴿فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ﴾؟
قُلْنَا: ليْس فِيه دَلِيلٌ؛ لأَنَّ إضْلَالَ الله لَهُم كانَ بِسَبَبِهم، فيكُونونَ هُم السَّبب بِدَليل أنَّه قَال: ﴿بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾، فكَانُوا هُم الظَّالمِينَ أوَّلًا، فأُضِلّوا والعِيَاذُ بِاللهِ.
الفائِدَةُ الثّامِنةُ: الرّدُّ عَلَى القدَرِّيةِ؛ لقوْلِه تَعالَى: ﴿فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ﴾، فنَسَب الله تَعالَى الإِضْلالَ إِلَيْهِ، والَّذي يضِلّ هُم هَؤُلاءِ الَّذِين حقَّتْ علَيْهِم الضّلالةُ، فدَلَّ هَذَا عَلَى أنَّ فِعْل العَبْد بتقْدِير الله وخَلْقِه.
فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: هَذا مُشْكِلٌ أنْ تَقُولوا أنَّه هُو بِخَلْق الله وهُو فعْلُ الإِنْسَانِ، وهَل يُمْكِنُ أنْ يكُونَ الشّيءُ الواحِدُ مفْعُولًا لفاعِلَيْن؟

1 / 170