Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-Rūm
تفسير العثيمين: الروم
Publisher
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٣٦ هـ
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
عقْلُ الإدْراكِ الَّذي هُو منَاطُ التكْلِيفِ، الَّذِي يقُولُ فِيه العلَماءُ: يُشْتَرطُ لوُجوبِ الصَّلاةِ أنْ يَكُونَ عاقلًا، فهَذا نُسمِّيه عقْلَ إدْرَاكٍ؛ لأَنَّ الإنْسانَ بِه يُدْرِكُ الأُمورَ، فيُمَيِّز بَيْن النّافِعِ والضَّارِ وغَيْرِه.
العَقْل الثّاني: عقْلُ الرّشَدِ الَّذي هو منَاطُ الثّناءِ والمَدْحِ، وعقْلُ الرّشَد هُو الَّذي يُوجَدُ فِي القرْآنِ كَثيرًا، مثَلًا نفَى الله ﷾ العَقْل عَن الكُفَّار معَ أنَّهم أذْكِياءُ عنْدَهُم عقْلُ إدْرَاكٍ، لكِنَّهم ليْسَ عنْدَهم عقْلُ رَشَدٍ يتصَرَّفُونَ فِيه تصرُّف العَاقِل.
وسُمِّي العقْلُ عقْلًا لأنَّهُ يعْقِلُ صاحِبَهُ عمَّا يضُرُّه، وَهَذا هُو الَّذي جعَله يُسمَّى عقْلًا، أو يُسمَّى حِجْرًا ﴿هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ﴾ [الفجر: ٥]؛ لأنَّهُ يَحْجر صاحِبَه ويحْجِزُه عمَّا لا ينْبَغِي.
وقوْلُه تَعالَى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾، أَتَى بالعَقْل هُنا إشَارَةً لما سيُذْكَرُ فِيما بعْدُ؛ لأَنَّ الآيَاتِ - كَما نُشاهِدُ - كلُّها في تقْريرِ إعَادَةِ المَوْتَى، وانتِقالِ العقْل مِن هَذِهِ الأشْيَاءِ المحسُوسَةِ إِلَى أشياءَ منْظُورةٍ موعُودَةٍ، إنَّما يكُونُ عَنْ طَريقِ العَقْل؛ ولِهَذا قَال هُنَا: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾.
من فوائد الآية الكريمة:
الفائِدَةُ الأولَى:: أنَّ البَرْق مِن آيَاتِ الله؛ لقوْلِه تَعالَى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ﴾.
الفائِدَةُ الثَّانيَةُ: أنَّ البَرْق يشْتَمِلُ عَلَى الخَوْفِ وَالرَّجاءِ؛ لقوْلِه تَعالَى: ﴿خَوْفًا وَطَمَعًا﴾، والصَّحِيحُ أنَّها ليْسَتْ موزَّعَةً كَما ذَهب إِلَيْهِ المُفَسِّر ﵀ بَلْ هِي صِفَةٌ مجتمِعَةٌ.
الفائِدَةُ الثَّالثةُ: عظِيمُ قُدْرةِ الله ﷾ بِإنْزالِ المَاءِ مِنَ السَّماءِ.
1 / 135