Tafsir al-Uthaymeen: An-Naml
تفسير العثيمين: النمل
Publisher
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
وظنّوا أَنَّهُ يريد دنيا، فيَكُون هم الَّذِينَ بدأوا بالإساءةِ إليه، حَيْثُ أرسلوا إليه هدية يختبرونه بها فَكَانَ ردُّه بهَذَا مناسبًا.
قَالَ المُفَسِّر ﵀: [فلما رجعَ إليها الرَّسُولُ بالهَدِيَّةِ، جعلتْ سَرِيرَها داخلَ سبعةِ أبوابٍ، داخل قصرها، وقصرها داخل سبعة قصورٍ، وأغلقتِ الأبوابَ، وجعلت عليها حَرَسًا، وتجَهَّزَتْ لِلْمَسيرِ إِلَى سُلَيْمَان لِتَنْظُرَ ما يأمرها به، فارتحلتْ باثني عشر ألف فيلٍ، مَعَ كُلّ فيلٍ ألوف كثيرةٌ، إِلَى أنْ قربتْ منه عَلَى قِيدِ فَرْسَخٍ شَعَرَ بها، قَالَ: ﴿يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا﴾].
هذا غريبٌ، ما أدري من أين يأتي المُفَسِّر ﵀ بهَذِهِ الحكاياتِ! وَأَمَّا الأفيالُ فلَعَلَّها كثيرة باليمنِ، ولهَذَا صاحبُ الفيلِ الَّذِي أرادَ أنْ يَهْدِمَ الكعبةَ جاء بالفيلِ.
فالاقتصارُ عَلَى القَصَصِ الَّتِي فِي الْقُرْآن هُوَ اللائِقُ بالمسلمِ، إِلَّا ما صحَّ عن النَّبِيِّ ﷺ؛ وذلك لِأَنَّ الله تَعَالَى يَقُول: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ﴾ [إبراهيم: ٩]، فعِلْمُ هَذِهِ الأُمَمِ إِلَى اللهِ ﷾، فاللائِقُ بنا ألَّا نَتَجَاوَزَ ما جاء به الْقُرْآن.
من فوائد الآية الكريمة:
الفَائِدَة الْأُوْلَى: إِظهارُ الْقُوَّة للأعداءِ؛ لِقَوْلِهِ: ﴿ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا﴾، فنفيُ الكَلامِ قوَّة، فهَذَا التهديدُ والوعيدُ لَا شَكَّ أَنَّهُ مَظْهَرُ قوَّةٍ، فيَكُون داخلًا فِي قولِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ [الأنفال: ٦٠]، فإن قوله: ﴿مِنْ قُوَّةٍ﴾ نِكِرَة تَشمَل كُلّ ما يُمْكِن من القوى، سواء كانت الْقُوَّة قوليَّة أو مادِّيَّة أو معنويَّة، المهمّ أن جميعَ القوى فِي معاملة الأعداء ينبغي للمرءِ أن يَسْتَعْمِلَها، حَتَّى
1 / 199