252

Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-Māʾida

تفسير العثيمين: المائدة

Publisher

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Edition

الثانية

Publication Year

١٤٣٥ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

هذه الآية: "الكاف"، والثاني: "ما"، يعني الذي لم يؤت أحدًا من العالمين.
وقوله: ﴿لَمْ يُؤْتِ﴾ أصلها: لم يؤته، لكن حذف العائد الذي يعود على اسم الموصول، والأصل: ما لم يؤته أحدًا من العالمين، وعلى هذا فتكون "أحدًا" مفعولًا ثانيًا.
وقوله: ﴿أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ أي: من العالمين الذين سبقوكم بل والذين في وقتكم، وهنا تأمل أنه لم يقل ﵊: ما لن يؤتِيَ، بل قال: ما لم يؤتِ، وبينهما فرق، فلو قال: ما لن يؤتيَ؟ صار قوم موسى أفضل الناس إلى يوم القيامة ولن يُعطي أحدٌ مثلهم، لكن إذا قال: ما لم يؤتِ: يعني في الماضي، وهو كذلك؛ لأن الله تعالى آتى هذه الأمة والحمد لله ما لم يؤتِ بني إسرائيل ولا غيرهم.
من فوائد الآية الكريمة:
الفائدة الأولى: أنه ينبغي للداعية أن يُذكِّر من يوجه إليهم الخطاب بنعم الله عليه؛ لأن تذكيرهم بالنعم يوجب لهم محبة الله، ولهذا جاء في الأثر: "أحبوا الله لما يغذوكم به من النعم" (^١).
الفائدة الثانية: أنه كلما أنعم الله على عبده بنعمة وجب عليه من السمع والطاعة ما لم يجب على غيره.
الفائدة الثالثة: الإشارة إلى أن وجود الأنبياء بين الناس من أكبر النعم؛ لأن الله قدم ذلك على الملك فقال: ﴿جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا﴾ ولا شك أن حاجة الناس إلى ذلك أعظم من حاجتهم إلى الملك وإن كانوا يحتاجون إلى هذا.

(^١) تقدم ص ٥٢.

1 / 256