185

Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-Māʾida

تفسير العثيمين: المائدة

Publisher

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٣٥ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

قوله: ﴿لَعَنَّاهُمْ﴾ "اللعن": هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، فكانوا -والعياذ بالله- مطرودين مبعدين عن رحمة الله لا ينالهم الله برحمة، ومن لعنه الله لعنه اللاعنون، كما قال عبد الله بن مسعود ﵁: وما لي لا ألعن من لعنه الله أو من لعنه رسول الله (^١).
قوله: ﴿لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً﴾ وفي قراءة ﴿قَاسِيَةً﴾، ﴿قَاسِيَةً﴾ اسم فاعل ﴿قَاسِيَةً﴾ صفة مشبهة، والصفة المشبهة أغلظ من اسم الفاعل؛ لأنها وصف ملازم، كما قال ابن مالك ﵀:
..................... ... كطاهر القلب جميل الظاهر
فالصفة المشبهة ملازمة، إذًا ﴿قَاسِيَةً﴾ و﴿قَاسِيَةً﴾ قراءتان، وإذا كان في الآية قراءتان، فالمعنى أن الأمرين كلاهما حاصل، فهي قسية وهذا وصفها الملازم، وقاسية عند وجود ما يوجب لين القلب تقسو -والعياذ بالله- فهي قسية وصفًا قاسية فعلًا كما قلنا: في قراءة ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)﴾ [الفاتحة: ٤]، و"مَلِكْ"، قلنا: نجمع بين القراءتين فيكون المعنى: أنه ملك ذو تصرف، أي: ملك مالك؛ لأن بعض ملوك الدنيا يكون ملكًا غير مالك، وكثير من الناس مالك ولكنه غير ملك، كلنا يملك مالًا لكن لسنا ملوكًا، إذًا: ﴿قَاسِيَةً﴾ ﴿قَاسِيَةً﴾ قريب من هذا.
قوله: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾ هذا أيضًا من ضلالهم والعياذ بالله ونقضهم العهد ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ﴾ أي:

(^١) رواه البخاري، كتاب التفسير، باب ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ [الحشر: ٧]، حديث رقم (٤٦٠٤).

1 / 189