وإذا خوف يخاف، لو أن رجلًا كريمًا قال: من عمل هذا فله كذا وكذا، فعمله الإنسان، يرجو أو يخاف؟ يرجو، كذلك بالعكس، لو أن رجلًا ظالمًا قال: من فعل كذلك عاقبته بكذا، فالإنسان يخاف، وإن كان انفعالًا، لكن لا بد أن يتأثر الإنسان بما يكون أمامه من طمع أو خوف.
فإن قال قائل: ألم يقل الله ﷿: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (٦٠)﴾ [المؤمنون: ٦٠]، فبيَّن الله تعالى أن من أوصاف هؤلاء السادة: أنهم إذا آتوا ما يؤتون فقلوبهم وجلة، يخافون أن لا يقبل منهم، كما جاء ذلك في تفسيره؟
قلنا: نعم هو كذلك، وهذا إذا خاف الإنسان أن يعجب بعمله فيجب أن يخاف، وأما إذا كان بريئًا من ذلك وهو يعلم أن ذلك العمل الصالح بمعونة الله، فليحسن الظن بالله ﷿، وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي" (^١).
الفائدة الثانية: أن الكفر قد يصحبه التكذيب وقد لا يصحبه، ولهذا أحيانًا يذكر الله الكفر فقط، مثل قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (١٣١)﴾ [آل عمران: ١٣١]، وأحيانًا يذكر التكذيب فقط، قال تعالى: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ﴾ [الزمر: ٣٢]، وأحيانًا يقرن بينهما،
(^١) رواه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ [آل عمران: ٢٨]، حديث رقم (٦٩٧٠)، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء، باب الحث على ذكر الله، حديث رقم (٢٦٧٥) عن أبي هريرة.