109

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Kahf

تفسير العثيمين: الكهف

Publisher

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٣ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

(قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا) (الكهف: ٦٦) قوله تعالى: (قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ) أي قال موسى للخضر: هل أتبعك، وهذا عرض لطيف وتواضع، وتأمّل هذا الأدب من موسى ﵊ مع أن موسى أفضل منه وكان عند الله وجيهًا، ومع ذلك يتلطف معه لأنه سوف يأخذ منه علمًا لا يعلمه موسى، وفي هذا دليل أنَّ على طالب العلم أن يتلطف مع شيخه ومع أُستاذه وأن يُعامله بالإكرام، ثم بين موسى أنه لا يريد أن يَتَّبِعَه ليأكل من أكله أو يشرب من شربه، ولكن (عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا) ولا شك أن الخضر سيفرح بمن يأخذ عنه العلم، وكل إنسان أعطاه الله علمًا ينبغي أن يفرح أن يؤخذ منه هذا العلم، لأن العلم الذي يُؤخذ من الإنسان في حياته ينتفع به بعد وفاته كما جاء في الحديث الصحيح: "إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَاّ مِنْ ثَلاثٍ صَدَقَةٍ جَارِية أوَ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ". (^١) فقال له الخضر: (قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا) (الكهف: ٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا) (الكهف: ٦٨) (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا) وبيّن له عذره في قوله هذا، فقال: (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا)، وأين الدليل للخضر أن موسى لم يحط بذلك خُبرا؟

(^١) رواه مسلم: كتاب: الوصية، باب: ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، (١٦٣١)، (١٤) وغيره.

1 / 113