290

Tafsīr al-ʿUthaymīn: Āl ʿImrān

تفسير العثيمين: آل عمران

Publisher

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٣٥ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

المراد المستقبل لقوله: "وما خلفهم"، وفي هذه الآية: ﴿وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ﴾، أي: لما سبقني من التوراة. وتصديقه للتوراة له وجهان:
الوجه الأول: أنه يقرر صدقها ويقول: إنها كتاب حق.
والوجه الثاني: أنه يصدق ما أخبرت به، فإذا كانت أخبرت به ثم بعث كان مصدقًا لما فيها.
وقوله: ﴿مِنَ التَّوْرَاةِ﴾، هي الكتاب الذي أنزله الله على موسى ﵊، وهي أصل الكتب المنزلة على بني إسرائيل وأعظمها، بل هي أعظم الكتب فيما نعلم بعد القرآن.
﴿وَلِأُحِلَّ لَكُمْ﴾.
أي: وجئتكم أيضًا لأحل لكم بعض الذي حرم عليكم. وقوله: ﴿وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾، ولم يقل: (كل) والمحرم عليهم ذكره الله في قوله: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ﴾ [الأنعام: ١٤٦]، وقال تعالى: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ﴾ [النساء: ١٦٠]، فلما حرمت عليهم هذه الطيبات لظلمهم وعدوانهم، وبعث الله عيسى ﷺ أحل لهم بعض ما حرم عليهم، ولم يُذكر في القرآن بيان هذا البعض فيكون باقيًا على إطلاقه، ولو كان لنا مصلحة في تعيين ذلك لبيَّنه الله.
وقوله: ﴿بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾، الفعل هنا مبني للمجهول، ولكن فاعله معلوم وهو الله ﷿ كما قال تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ﴾ [الأنعام: ١٤٦].

1 / 292