130

Tafsir al-Uthaymeen: Al-Imran

تفسير العثيمين: آل عمران

Publisher

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٣٥ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

وبهذا نعرف وجه مطابقة الجواب للشرط، وإلا فإن الإنسان قد يتوقع جوابًا غير هذا. كأنْ يقال مثلًا: فإن حاجوك فحاججهم. وقوله: ﴿وَمَنِ اتَّبَعَنِ﴾: (من) معطوفة على الضمير في (أسلمت)، ولا يجوز أن تكون معطوفة على لفظ الجلالة؛ لأن الرسول لا يسلم وجهه لمن اتبعه، وإنما يسلم وجهه لله. ومثل ذلك قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: ٦٤]، فإن بعض المعربين قالوا: إن (مَنْ) معطوفة على لفظ الجلالة يعني: حسبك الله وحسبك من اتبعك من المؤمنين، وهذا غلط؛ لأن النبي ﷺ حسبه الله وحده، وحسب من اتبعه من المؤمنين. وكأن الذين قالوا: إن "من اتبعك من المؤمنين" معطوف على (الله) استندوا إلى قول الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: ٦٢]، وبينهما فرق عظيم؛ لأن ﴿أَيَّدَكَ﴾ أسند التأييد إلى الله، فالمؤيِّدُ هو الله، وجعل النصر والمؤمنين وسيلة. وقوله: ﴿وَجْهِيَ لِلَّهِ﴾ فيها قراءتان، بسكون الياء وفتحها. وقوله تعالى: ﴿وَمَنِ اتَّبَعَنِ﴾ أي: على ما جئتُ به، من العقيدة والقول والعمل، وعلامة المتبع للرسول ﵊ حقًّا، هو الذي إذا قيل له: قال رسول الله، صار كقول من يقال له: قال الله. وإذا قيل له: فعل رسول الله، لم يعدل بفعله فعل أحد من الناس. هذه حقيقة الإتباع. أما من قال شيئًا، أو فعل شيئًا، أو اعتقد شيئًا، ثم حاول أن يصرف كلام الرسول

1 / 132