Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Furqan

Muhammad ibn Salih al-Uthaymeen d. 1421 AH
78

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Furqan

تفسير العثيمين: الفرقان

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: استدلَّ بعضهم بأن الأعصاب الخاصَّة بالإحساس موجودة في القشرة الرقيقة الَّتِي على العظم، يقول تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ٥٦]، هل يقالُ: هَذَا من بيان إعجازِ القُرْآنِ؟ هَذَا أيضًا غير صحيحٍ؛ لِأَنَّ أحوال الآخِرة لا تُقاس بأحوال الدُّنْيا، والإنْسَان مثلًا لو احترقَ الآنَ جلدُه وانكشطَ وأحرقنا اللحمَ يتعذب الإنْسَان بلا شكَّ، ولا يقال: نجربه، بل يتعذب الإنْسَان به يقينًا. لَوْ قَالَ قَائِلٌ: إذا دخلت إبرة في جسم الإنْسَان فَإِنَّهُ عند دخولها يُحِسّ، ثم بعد ذلك لا يُحِسّ؟ نقول: صحيح، هَذَا معقول، وكل الداخليّ في الغالب ليس فيه إشكال، ولهذا لا يحس الإنْسَان بنزول الطعام في بطنِه. لَوْ قَالَ قَائِلٌ: يقول اللَّه ﷾: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٣٨]، فهَذِهِ الأحداث لا بد أن تكون في القُرْآن؟ فالجواب: لا إشكال، لكِن قوله ﷾: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ ما المراد بالكِتَابِ؟ المقصود اللوح المحفوظ، قال ﷿: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾، لكِن قوله ﷿: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل: ٨٩]، أوضح إن أرادوا أن يستدلوا، قال ﷾: ﴿تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ لكننا نعلم أن التبيان إما مجمَل وإما مفصَّل، والقضية المشهورة عن الشيخ مُحَمَّد عبده ﵀ مع الرجل النصراني حينما سأله عن كيفية صنع الطعام الَّذِي قُدم لهم في المطعم، قال النصراني:

1 / 83