Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Furqan

Muhammad ibn Salih al-Uthaymeen d. 1421 AH
18

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Furqan

تفسير العثيمين: الفرقان

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

قُلْنَا: مستحيلٌ أن يَخْلُقَ نفسَه، لَكِنَّهُ مع ذلك نقول: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ مَن شأنُه أن يُخْلَقَ، أَمَّا ما ليس من شأنِه أنْ يُخْلَقَ كذات اللَّه وصفات اللَّه فهذا ليس داخلًا مِنَ الأَصْل؛ لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى خالِقٌ، والخالقُ غير المخلوق، وصفات الخالق ليستْ مخلوقةً؛ لِأَنَّ الصِّفة تابعة للذَّات. ولهذا كأن المُفَسِّر ﵀ حينما يقول: [من شأنه أن يُخْلَق]، يُنَبِّهك لِتَرُدَّ بِهَذِهِ الكلمة على من قالوا: إنَّ القُرْآن مخلوق، فتقول: القُرْآن ليس من شأنه أن يُخلَق؛ لأَنَّه من صفات اللَّه ﷾، وصفات اللَّه تَعَالَى غير مخَلوقةٍ. ولَكِنْ يَنبغي أن لا نقيِّد الآية بهذا، نقول: هو خلق كل شَيْءٍ، والخالق لا يمكن أن يَكُونَ هو المخلوقَ، فإذا كان لا يمكن دَلَّ ذلك عَلَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى غيرُ مخلوقٍ، وعَلَى أَنَّ صفاتِه أيضًا غير مخلوقةٍ؛ لِأَنَّ الصِّفة تابعة للموصوف، وحينئذٍ لا نَحتاج أن نقولَ: من شأنِه أن يُخْلَقَ؛ لأننا إذا قُلْنا: من شأنه أن يخلق قيَّدنا الآيةَ الكريمةَ، ويمكن أن يَحتجَّ علينا الَّذِي يقول بخلق القُرْآنِ فيقول: مَن قَالَ لك: إنَّ الآية مقيَّدة بهذا، فنحن نقول: خلق كلَّ شَيْءٍ على سبيل الإطلاق، وعلى سبيل العموم، وهذا لا يَقتضي أن يَكُون القُرْآن مخلوقًا؛ لِأَنَّ الخالق غير المخلوق، والقُرْآن من صفات اللَّه، وصفات الخالق قطعًا غير مخلوقةٍ؛ لِأَنَّ الصِّفاتِ تابعةٌ للذاتِ. إذَنْ فلو احتجَّ علينا المُعْتَزِلة والجَهْمِيَّة الَّذِينَ يقولون: إن القُرْآن مخلوقٌ فبماذا نُجيبهم؟ نجيبهم بأحد وجهين: الوجه الأول: ما أشار إليه المُفَسِّر؛ وهو أن يقال: إن هَذَا من باب العامِّ المراد به الخاصُّ، يعني: كلّ شَيْء من شأنه أن يخلق، هَذَا وجهٌ، وبهذا أجاب كثير مِنَ

1 / 23