Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-Furqān
تفسير العثيمين: الفرقان
Publisher
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٣٦ هـ
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأولى والثَّانية: عناية اللَّه تَعَالَى بالرَّسول ﷺ، ووجهُ ذلك أن كونَ اللَّهِ يَعتني بالرَّسولِ ويُسَلِّيه بما وَقَعَ لغيرِه، هَذَا دليلٌ على العنايةِ به، وكون الرَّسول ﷺ يحتاج إلى أن اللَّه يسلِّيه بِمَنْ سَبَقَه يدلُّ عَلَى أَنَّ الرَّسول ﵊ بَشَرٌ يَنتابُه ما ينتابُ البشرَ مِنَ الحزن والأسى، فيحتاج إلى التسليةِ، وأن مَن دون الرَّسول من باب أَولى، فعندما يأتي إلينا مثلًا أحد دُعاة الخير ويشكو إلينا ما أصابه من النَّاس نقول له: انظر مثلًا إلى فلان وانظر إلى فلان وانظر إلى فلان، ولا يقال: إن هَذَا قُصُور في حقّه، هَذَا لا بدَّ منه، فالطبيعة البشريَّة تَقتضي أن الأمر يهوَّن على النفس إذا أصاب الغيرَ مثلُ ما أصابَه.
ومناسبة قوله: ﴿وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا﴾ لِذِكر أن اللَّه جعلَ لكل نبيٍّ عدوًّا من المجرمين، يعني: هَؤُلَاءِ المجرمون يحاولون القضاء على الرِّسَالة أو النبوَّة بوَاحِد من أمرينِ؛ إما بإضلال النَّاس وصدِّهم عَّما جاءت به الرُّسُل، وإمَّا بقتالهم وإهلاكهم، فيَعتدون على النَّاس بالقتالِ، فقال اللَّه تَعَالَى: ﴿وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا﴾ في مقابلة محاولة الإضلال، ﴿وَنَصِيرًا﴾ في مقابلة محاولة القضاء على الأنبياء وأُممهم.
وهَذِهِ العداوة الَّتِي تكون للأنبياء تكون لورثتهم؛ لأَنَّهُمْ يدعون لمِا يدعو له النَّبي، ونحن نعلمُ أن هَذِهِ العداوة ليستْ شخصيةً، وإنما هي معنويَّة بسَبَب النبوَّة، ودليلنا عَلَى أَنَّ العداوة ليستْ شخصيَّة، يعني أن عداوة الأمم المكذبين للرسل ليست لأشخاص الرُّسُل، بل لِمَا جاءوا به من الحقِّ؛ دليلنا أن قريشًا ليستْ تعادي الرَّسول ﷺ قبلَ أن يُبعَث، بل هي ترى أَنَّهُ من أشدّ الرِّجال أمانةً وصدقًا.
الْفَائِدَة الثالثة: أَنَّهُمْ لا يستطيعون أن يُضِلّوا النَّاس إذا أراد اللَّهُ ﷿ هدايتَهم،
1 / 114