Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ankabut

Muhammad ibn Salih al-Uthaymeen d. 1421 AH
90

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ankabut

تفسير العثيمين: العنكبوت

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

من التكَلُّفِ المعروفِ، لكن لا بُدَّ أن نُعرب هذا الإعراب حسب القواعدِ المعروفةِ في النحوِ، فالياء في قوله: ﴿بِمُعْجِزِينَ﴾ جَلَبَتَهَا الباءُ وليس الخبر، وهي نَفْسُها علامةُ النَّصْبِ. وقوله: ﴿وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ (معجزين) من (أعْجَزَ) فهو متَعَدٍّ؛ لأن عجَزَ لازم، وأعْجَزَ متعدٍ، وإذا كانت متَعَدِّيَةٌ وهي اسمُ فاعلٍ فتحتاجُ إلى مفعولٍ، فأين المفعول؟ قَال المُفَسِّر ﵀: [﴿بِمُعْجِزِينَ﴾ رَبّكُم عنْ إدْراكِكِمْ]: فيكون المفعولُ محْذوفًا تقديرُهُ: بمُعجِزينَ ربَّكُم، أو بمعجزين اللَّه، فلا مانِعَ، والمُعجِزُ هو من فعل ما يُعْجِزُ به غيرَهُ، ولهذا قال بعضُ أهلِ العِلم عن آيات الرُّسُلِ: إنها معْجِزاتٌ؛ لأنها تُعجِزُ أعداءَ الرُّسلِ عن معارَضَتِهَا. قوله: ﴿فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾، هذا الجارُّ والمجرورُ حالٌ مِن مُعجِزينَ، يعني: حال كونِكُمْ في الأرض أو في السماءِ، فلا تُعجِزونَ اللَّه سواء كنتم في الأرضِ أو في السماء، ولهذا قال المُفَسِّر ﵀: [لَوْ كُنْتُم فِيها]، فيكون قوله: ﴿وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ على سَبيلِ التَّقديرِ وليس على سبيلِ الحَقيقَةِ؛ لأن الناسَ في الأرضِ وليسُوا في السماءِ. وقيل: إن المعنى على سبيلِ المبالَغَةِ، يعني: لا تُعْجزونَ اللَّه سواءٌ كُنتم في أعماقِ الأرض أو في أجواءِ السماءِ، فيكون المعنى: لا تُعجزونُه في أيَّ مكانٍ كُنتم. وقيل: إن قوله ﵀: ﴿وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ يعني به أهلَ السماءِ، يعني: أن اللَّه ﷿ لا يُعجزُه شيء في السمواتِ ولا في الأرضِ، فأهلُ السماء لا يُعْجِزُونَهُ وأهل الأرضِ لا يُعجزونه، فيكون المعنى على هذا الوجه: وما أنْتُمْ بمُعْجزينَ في الأرض،

1 / 94