الآية (٣١)
* * *
* قالَ اللَّه ﷿: ﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ﴾ [العنكبوت: ٣١].
* * *
قوله: ﴿وَلَمَّا﴾ (لما) هُنَا مِنْ أدواتِ الشَّرطِ غيرِ الجازِمَةِ؛ لأن (لما) لا تَجْزمُ إلا إذا كانتْ نافِية، أما إذا كانتْ شَرْطية فإنها لا تَجْزِمُ وتكون مثل (إذا) و(لو) أي: مِنْ أدواتِ الشرطِ غيرِ الجازِمَةِ.
مثال (لمَّا) النافية قوله ﷿: ﴿بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ﴾ [ص: ٨]، أي: لم يَذُوقُوا العذابَ لكنه قَرِيبٌ منهم؛ لأنها تنْفي لكن تَدُلُّ على تَوَقُّعِهِ، وهذا مِنَ الفُروقِ بينها وبين (لم).
وجوابُ الشَّرْطِ قولُهُ: ﴿وَلَمَّا جَاءَتْ﴾.
قوله: ﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى﴾ (الباء) هنا للمصَاحَبَةِ أي: مصْطَحِبِينَ للبُشْرَى، والبُشْرَى بمَعْنَى البِشَارَةِ، والبِشَارَةُ هي الإخبارُ بما يَسُرُّ، وقد تُطْلَقُ على الإخبارِ بما يَسُوءُ مثل قوله تعالى: ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الانشقاق: ٢٤]، واستعمالها فيما يَسُوءُ قيل: إنه من بابِ التَهَكُّمِ بالمبَشَّرِ، ولكنَّه ضَعِيفٌ.
ووجه كونِهِ بشَارَةٌ: لأنه يؤثِّرُ على بَشْرَةِ المخاطَبِ به كما يؤثِّرُ الخبرُ السَّارُّ.
وقَال المُفَسِّر ﵀: [﴿بِالْبُشْرَى﴾ بإِسْحاقَ ويَعْقُوبَ بَعْدَهُ]: والدَّليلُ على